ثمّ لو تنزلنا عن ذلك ، فلا وجه للتفصيل بالجواز على نحو الحقيقة في التثنية والجمع ، وعلى نحو المجاز في المفرد [١] ، مستدلّا على كونه بنحو الحقيقة فيهما ، لكونهما بمنزلة تكرار اللفظ وبنحو المجاز فيه ، لكونه موضوعا للمعنى بقيد الوحدة ، فإذا استعمل في الأكثر لزم إلغاء قيد الوحدة ، فيكون مستعملا في جزء المعنى ، بعلاقة الكلّ والجزء ، فيكون مجازا ، وذلك لوضوح أن الألفاظ لا تكون
______________________________________________________
حتّى في التثنية والجمع ، فإنّ الوضع فيهما أيضا كان كالمفرد حال انفراد المعنى أي عدم إرادة طبيعة أخرى مع المعنى الذي تكون هيئتهما موضوعة لإفادة التعدّد من ذلك المعنى. ولا يخفى ضعف ما ذكره ، فإنّه لا اعتبار بحال الوضع فيما إذا لم يكن ذلك الحال مأخوذا في ناحية الموضوع له أو في نفس الوضع ، والمفروض أنّ وحدة المعنى لم تلاحظ قيدا في شيء منهما ولو لزم رعاية الحال حتّى مع عدم أخذه في ناحية شيء منهما لكان رعاية سائر الحالات أيضا لازما بأن يستعمل اللفظ في المعنى في الليل خاصة فيما إذا كان الوضع بالليل مثلا وإلى هذا يرجع ما ذكره الماتن قدسسره من أنّ وحدة المعنى وتوقيفية الوضع لا تقتضي عدم الجواز.
[١] يعني لو تنزّلنا عن الالتزام بامتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى وبنينا على جوازه ، فلا وجه للتفصيل بين التثنية والجمع ، وبين المفرد ، وأنّ الاستعمال في التثنية والجمع بنحو الحقيقة ، وفي المفرد بنحو المجاز ، كما اختار ذلك في المعالم بدعوى أنّ المفرد موضوع للمعنى المأخوذ فيه الوحدة واستعماله في أكثر من معنى يوجب إلغاء قيد الوحدة عنه ، فيكون اللفظ الموضوع للكلّ مستعملا في الجزء فيكون مجازا ، بخلاف التثنية والجمع فإنّهما بمنزلة تكرار اللفظ ، وكما أنّه مع تكرار اللفظ يجوز إرادة معنى من كل لفظ غير المعنى المراد من لفظ آخر ، كذلك الحال فيما هو بمنزلته.