بعد الثعلبي ،
وبوّبوه ، وصنّفوا فيه المطوّلات والمختصرات والكلّ بأيدينا ، فلم نجد فيها أنّ
حديث تصدّق عليّ بخاتمه في المسجد ونزول الآية موضوع أو واه ، فنسبة الوضع إلى هذا
الحديث من ابن تيميّة زندقة و إلحاد .
وأمّا الإمام الثعلبي فقد تقدّمنصّ العلماء على أنّه صحيح الحديث ثقة ،
وأنّه إمام في التفسير ، وأنّ كتابه لا نظير له ، وأنّ الاُ مّة عملت به وأخذوه
بالقبول .
وأمّا قوله : أنّه ذكر تفاسير أهل البدع
. فهو أيضاً افتراء آخر عليه ، فإنّ الثعلبي في خطبة كتابه التفسير الكبير يقول ما
يكذّب سفسطة ابن تيميّة الكذوب ، قال ما لفظه : و إنّي منذ فارقت المهد إلى أن
بلغت الرشد اختلف إليّ طبقات الناس ، واجتهدت في الاقتباس من هذا العلم الذي هو
للدين الأساس وللعلوم الشرعية الرأس ، ووصلت الظلام بالضياء ، والصباح بالمساء ،
بعزم أكيد وجهد جهيد ، حتّى رزقني اللَّه تعالى وله الحمد من ذلك ما عرفت به الحقّ
من الباطل ، والمفضول من الفاضل ، والصحيح من السقيم ، والحديث من القديم ، والبدعة
من السنّة ، والحجّة من الشبهة ، فألفيت المصنّفين في هذا الباب فرقاً على طرق :
فرقة هم أهل البدع والأهواء ، معوجّة
المسالك والآراء ، مثل : البلخي ، والجبائي ، والأصفهاني ، والرمّاني ، وقد اُمرنا
بمجانبتهم ، وترك مخالطتهم ، ونُهينا عن الاقتداء بأقوالهم وأفعالهم ، والعلم دين
فانظروا عمّن تأخذون دينكم .
وفرقة ألّفوا فأحسنوا ، غير أنّهم خلطوا
أباطيل المبتدعين بأقاويل السلف الصالحين ، فجمعوا بين الدرة والبعرة عثرة وغفلة
لا عقداً ونيّة ،
__________________