أنّ عليّاً عليه السلام قتل أكثر الصحابة في حربه ، فإذا جاز القتل لمفسدة جاز التأديب بالطريق الأولى.
وضَرْبُ أبا ذر لأنّه قد بلغه أنّه كان في الشام إذا صلّى الجمعة وأخذ الناس في مناقب الشيخين يقول لهم : أرأيتم ما أحدث الناس بعدهما شيّدوا البنيان ، ولبسوا الناعم ، وركبوا الخيل ، وأكلوا الطيّبات ، وكاد يفسد بأقواله الاُمور ، ويشوّش الأحوال ، فاستدعاه من الشام ، وكان إذا رأى عثمان قال : (يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْها فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِها جِبَاهُهُم وَجُنُوْبُهُم وَظُهُوْرُهُم)(١) فضربه عثمان بالسوط على ذلك تأديباً ، وللإمام ذلك بالنسبة إلى كلّ من أساء الأدب عليه ، وإن أفضى ذلك(٢) إلى هلاكه ، ثمّ قال له : إمّا أنْ تكفّ ، وإمّا أن تخرج إلى حيث شئت. فخرج إلى الربذة غير منفي ومات بها.
ومنها : (أنّه أسقط القود عن ابن عمر).
ومنها : (أنّه أسقط الحدّ عن الوليد مع وجوبهما عليهما). أمّا وجوب القود على عبد الله بن عمر فلأنّه قتل الهرمزان ملك الأهواز. وقد أسلم بعد ما اُسر في فتح أهواز. وأمّا وجوب الحدّ على الوليد بن عتبة فلأنّه شرب الخمر(٣).
__________________
(١) سورة التوبة : ٣٥.
(٢) في (م) زيادة : (التأديب).
(٣) شرح المقاصد : ٥ / ٢٨٥ ، المحلّى لابن حزم : ١١ / ١١٥.