وأجيب : بأنّ أخذ الحمى لم يكن لنفسه ، بل لتعمّ الصدقة والجزية والضوالّ ، وكان في ذلك في زمن الشيخين أيضاً ، إلا أنّه زاد في عهد عثمان لازدياد شوكة الإسلام.
ومنها : (أنّه وقع منه أشياء منكرة في حقّ الصحابة ، فضرب ابن مسعود حتّى مات ، وأحرق مصحفه ، وضرب عمّار حتّى أصابه فتق ، وضرب أبا ذر ونفاه إلى الربذة)(١).
وأجيب : بأنّ ضرب ابن مسعود إن صحّ فقد قيل : إنّه لما أراد عثمان أن يجمع الناس على مصحف واحد ويرفع الاختلاف من بينهم في كتاب الله طلب مصحفه منه(٢) ، فأبى ذلك ، مع ما كان فيه من الزيادة والنقصان ، ولم يرض أن يجعله موافقاً لما اتّفق عليه أجلّة الصحابة ، فأدّبه عثمان لينقاد ، ولا نمنع أنّه مات من ذلك.
وضَرْبُ عمّار كان لما روي أنّه دخل عليه وأساء عليه(٣) الأدب وأغلظ له في القول بما لا يجوز له الاجتراء بمثله على الأئمّة ، وللإمام التأديب لمن أساء الأدب عليه ، وإن أفضى ذلك إلى هلاكه ، فلا إثمّ عليه ، لأنّه وقع من ضرورة فعل ما هو جايز له ، كيف وإنّ ما ذكره لازم على الشيعة ، حيث رووا
__________________
(١) أبكار الأفكار في اُصول الدين : ٥ / ٢٧٦ ، الشافي في الإمامة : ٤ / ٢٨٣ ، شرح المقاصد : ٥ / ٢٨٥.
(٢) قوله : (منه) ليس في (م).
(٣) في (م) زيادة : (في).