فهذه العبارة مصرّحة بأنّ في الأخبار ما يدفع الجمع بالتخيير والجمع بمريد الرجوع ليومه؛ فتعيّن المصير إلى ما دلَّت عليه الأخبار ، إذ هي المأخذ.
لا يقال : هذه الأخبار إنّما دلَّت على قصر الصلاة وليس فيها تعرّض للصوم فيختصّ القصر بالصلاة ، ويؤيّده فتوى الشيخ بذلك.
لأنّا نقول : هذا خيال فاسد ويدلّ على خلافه أدلّة :
منها : أنّ الذي ذهب بريداً ورجع بريداً قد صرّحت الأخبار الصحيحة بقصره ، وإنّما وجب القصر لأنّه على سفر ، وإذا كان كذلك وإذا كان على سفر فقد تناولته الآية الشريفة(١) ولزمه الإفطار وصيام عدّة من أيّام أُخَر.
ومنها : إنّه قد تقدّم قول الصادق عليه السلام : (وإنّما فعل ذلك لأنّه إذا رجع كان سفره بريدين ثمانية فراسخ) ، فكلّ خبر تضمّن قصر الصوم في بريدين وثمانية فراسخ متناول لموضع النزاع.
ومنها : صحيحة معاوية بن وهب(٢) عن أبي عبد الله عليه السلام قال : (إذا دخلت بلداً(٣) وأنت تريد المقام عشرة أيّام فأتمّ الصلاة حين تقدم ، وإن أردت المقام دون العشرة فقصِّر ، وإن أقمت تقول غداً أخرج وبعد غد ولم تجمع على عشرة فقصِّر ما بينك وبين شهر ، فإذا أتمّ الشهر فأتمّ الصلاة.
__________________
(١) وهي قوله تعالى : (فَمَنْ كَانَ مِنْكُم مَرِيْضاً أَوْ عَلى سَفَر فَعِدَّةٌ مِنْ أيّام أُخَر).
(٢) الفقيه : ١ / ٢٨٠ باب ٥٩ حديث ٥ ، عنه الوسائل م ٥ باب ١٥ من أبواب صلاة المسافر ح١٧.
(٣) في نسخة الأصل : بدراً ، والصواب ما أثبتناه (بلداً) في المتن من المصدر.