أولى ، ألا ترى أنّه من باب أولى دلالة قوله تعالى (وَلاَ تَقُلْ لَهُمَا أُفّ) على تحريم الضرب وأنّ المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به ، وهذه الأخبار حجَّة عليهم.
ويرد عليهم أمور :
منها : أنّه لو كان كلٌّ من الذهاب والإياب سفراً بانفراده لا يضمّ أحدهما إلى الآخر للزم وجوب الإتمام بمجرّد الوصول إلى المقصد ، ويكون الوصول إلى المقصد أحد قواطع السفر كنيَّة الإقامة عشرة أيّام واللازم باطل فالملزوم مثله.
بيان الملازمة : إنّ الذهاب ينتهي بالوصول إلى المقصد فإذا وصل إلى مقصده فقد انتهى سفره ، والرجوع سفر جديدٌ لم يشرع فيه فهو في ذلك الوقت ليس بمسافر؛ فلا يجوز القصر ، وهذا الإلزام لا مفرَّ منه لمن أنصف(١).
__________________
(١) عندنا في هذه الملازمة المدعاة أمران : كون الذهاب منفرداً سفراً والإياب منفرداً سفراً ، واستقلال كلّ منهما في الحكم الخاصّ به ، أمّا الأوّل فهو لبّ دعواهم ، وأمّا الثاني فليس بمعلوم أنّه يلزم عليهم أو يلتزموا به ، وذلك لأنّهم قد يدعون أنّه لا منافاة بين كون كلّ من الذهاب والإياب سفراً منفرداً إلاّ أنّ الشارع يشترط في مسوّغيّة الصلاة قصراً تحقّقهما مجتمعين فإذا تحقّق ذهاب وإياب متّصلين ولو باشتراط الرجوع ليومه فحينئذ يكون حكم كلّ من الذهاب والإياب واحداً لا أنّه يتمّ الصلاة بعد سفر الذهاب لانفراده وانقطاع سفره بمجرّد تحقّقه ، ثمّ إنّه حتّى هذا اللزوم غير بيّن وذلك لأنّ لزوم التمام بهذا فيما لو لم يستمرّ قصد السفر عنده وأمّا لو كان قصر السفر مستمرّاً وقد