فيه ولذا قال في الكفاية وقياسه بتعارض الخبرين الدال أحدهما على الحرمة والآخر على الوجوب باطل فإنّ التخيير بينهما على تقدير كون الأخبار حجة من باب السببية يكون على القاعدة ومن جهة التخيير بين الواجبين المتزاحمين.
وعلى تقدير أنّها من باب الطريقية فإنّه وإن كان على خلاف القاعدة إلّا أنّ أحدهما تعينا أو تخييرا حيث كان واجدا لما هو المناط للطريقية من احتمال الإصابة مع اجتماع سائر الشرائط صار حجة في هذه الصورة بأدلة الترجيح تعينا أو التخيير تخييرا وأين ذلك ممّا إذا لم يكن المطلوب إلّا الأخذ بخصوص ما صدر واقعا وهو حاصل والأخذ بخصوص أحدهما ربّما لا يكون إليه بموصل. نعم لو كان التخيير بين الخبرين لأجل إبدائهما احتمال الوجوب والحرمة وإحداثهما الترديد بينهما لكان القياس في محله لدلالة الدليل على التخيير بينهما على التخيير هاهنا فتأمل جيدا (١).
وبعبارة اخرى التخيير في المسألة الاصولية بمعنى الأخذ بأحد الحكمين في مقام الفتوى لا دليل له المقام وإن قام دليل عليه في الخبرين المتعارضين.
والتخيير بمعنى الأخذ بأحدهما من الفعل أو الترك في مقام العمل تخيير عقلي وهو حاصل وجعل التخيير الشرعي بينهما مستحيل لأنّه لا محالة يكون بمعنى طلب أحدهما وهو حاصل بطبعه في المتناقضين والضدين لا ثالث لهما إذ المكلّف يأتي بأحدهما في نفسه فلا حاجة إلى طلبه لأنّه تحصيل الحاصل المحال ولذا قال السيّد المحقّق الخوئي قدسسره ولأجل ذلك منع عن الترتب في مثلها فإنّ المكلّف عند تركه لأحدهما يأتي بالآخر بطبعه فلا مجال للأمر به حينئذ لأنّه من تحصيل الحاصل (٢).
وأما القول الخامس فيكفيه ما أفاده المحقّق العراقي قدسسره من أنّه لا شبهة في حكم العقل بالتخيير بينهما بمعنى عدم الحرج في الفعل والترك نظرا إلى اضطرار المكلّف وعدم قدرته
__________________
(١) الكفاية / ج ٢ ، ص ٢٠٣ ـ ٢٠٦.
(٢) التنقيح / ج ٢ ، ص ٣٩١.