مساوق لتفكيك الإيجاد عن الوجود فهو غير معقول ، والسبب في ذلك هو انه لا ريب في استحالة تفكيك الإيجاد عن الوجود في التكوينيات حيث انهما واحد ذاتاً وحقيقة والاختلاف بينهما انما هو بالاعتبار فلا يعقل التفكيك بينهما ، وكذا الحال في التشريعيات ، بداهة انه لا فرق في استحالة التفكيك بين الإيجاد والوجود في التشريع والتكوين. وعلى الجملة فإيجاب المولى ووجوبه انما يتحققان بنفس إنشائه فلا فرق بينهما الا بالاعتبار فبملاحظة فاعله إيجاب ، وبملاحظة قابله وجوب ، كما هو الحال في الإيجاد والوجود التكوينيين. وعلى هذا الضوء فلا محالة يرجع القيد إلى المادة دون الهيئة وإلا لزم تحقق الإيجاب دون الوجوب ، ولازم ذلك انفكاكه عنه لفرض عدم إنشاء آخر في البين ، ومرده إلى تخلف الوجود عن الإيجاد وهو مستحيل فالنتيجة تعين رجوع القيد إلى المادة بعد استحالة رجوعه إلى الهيئة لعدم ثالث في البين.
وقد أجاب المحقق صاحب الكفاية (قده) عن ذلك بما إليك نصه : «المنشأ إذا كان هو الطلب على تقدير حصوله (الشرط) فلا بد ان لا يكون قبل حصوله طلب وبعث والا لتخلف عن إنشائه وإنشاء امر على تقدير كالاخبار به بمكان من الإمكان كما يشهد به الوجدان».
وفيه ان ما أفاده (قده) مصادرة ظاهرة وذلك لأن الكلام انما هو في إمكان هذا النحو من الإنشاء وانه كيف يمكن مع استلزامه تخلف الوجوب عن الإيجاب وهو مساوق لتخلف الوجود عن الإيجاد. وبكلمة أخرى ان محل الكلام هنا انما هو في إمكان كون الإيجاد حالياً والوجود استقبالياً وعدم إمكانه ، فكيف يمكن ان يستدل على إمكانه بنفس ذلك وهذا نظير ما تقدم في الجواب عن الشرط المتأخر من ان الشرط بوصف كونه متأخراً شرط ، أو بوصف كونه معدوماً كذلك فلو تقدم كان خلفاً