وأما الثانية وهي شرطية القدرة بوجودها المتأخر في الواجبات التدريجية فلان فعلية وجوب كل جزء سابق منها مشروطة ببقاء شرائط التكليف من الحياة والقدرة وما شاكلهما إلى زمان الإتيان بالجزء اللاحق ، مثلا فعلية وجوب التكبيرة في الصلاة مشروطة ببقاء المكلف على شرائط التكليف إلى زمان الإتيان بالتسليمة ، لفرض ان وجوبها ارتباطي فلا يعقل وجوب جزء بدون وجوب جزء آخر ، فلو جن في الأثناء أو عجز عن إتمامها كشف ذلك عن عدم وجوبها من الأول. وعلى الجملة ففعلية وجوب الاجزاء السابقة كما تتوقف على وجود تلك الشرائط في ظرفها ، كذلك تتوقف على بقائها إلى زمان الاجزاء اللاحقة فالالتزام بالشرط المتأخر في أمثال الموارد مما لا مناص عنه ولا يحتاج إلى دليل خاص فيكفي فيه نفس ما دل على اشتراط هذه الواجبات بتلك الشرائط.
لحد الآن قد استطعنا ان نخرج بهاتين النتيجتين : (الأولى) انه لا مانع من الالتزام بالشرط المتأخر في مرحلة الثبوت ولا محذور فيه أبداً (الثانية) ان الالتزام بوقوعه في مرحلة الإثبات يحتاج إلى دليل خاص والا فمقتضى القاعدة عدمه. نعم وقوعه في الموردين السابقين كان على طبق القاعدة.
الواجب المطلق والمشروط
غير خفي ان إطلاق المطلق والمشروط على الواجب بما لهما من المعنى اللغوي ، فالمطلق عبارة عن المرسل وعدم التقييد بشيء ، ومنه طلاق المرأة فانه بمعنى إرسالها عن قيد الزوجية. والمشروط عبارة عن المقيد بقيد والمشدود به ، ومنه وجوب الحج بالإضافة إلى الاستطاعة ، فانه مقيد بها ومربوط ، ولا يكون مطلقاً ، وليس للأصوليين اصطلاح خاص فيهما