فبطبيعة الحال قد أمضى الشارع ذلك العقد بمقتضى تلك العمومات والإطلاقات ومن ناحية ثالثة ان ظرف الإجازة وإن كان متأخراً الا ان متعلقها ـ وهو العقد ـ امر سابق فالنتيجة على ضوء هذه النواحي هي صحة العقد من حينه وحصول الملكية من هذا الحين ، وهذا معنى كون الإجازة بوجودها المتأخر شرطا للملكية السابقة.
وبكلمة أخرى ان اعتبار الشارع وإمضائه وإن كان من الآن أي من حين الإجازة الا ان الممضى هو العقد السابق والمعتبر هو الملكية المتقدمة أعني الملكية من حين العقد والمفروض ان الإجازة شرط لها ونظير ذلك ما إذا افترضنا قيام دليل على ان القبول المتأخر بزمن مؤثر في صحة العقد من حين الإيجاب فانه عندئذ لا مناص من الالتزام بحصول الملكية من هذا الحين وان كان ظرف اعتبارها بمقتضى أدلة الإمضاء من حين القبول الا أن ذلك مجرد افتراض فلا واقع موضوعي له ، على انه خلاف المرتكز في أذهان العرف والعقلاء ، وذلك بخلاف الإجازة اللاحقة ، فان كونها شرطاً متأخراً كان على طبق القاعدة وموافقاً للارتكاز فلا نحتاج إلى دليل. ومن هنا قد التزمنا في مسألة الفضولي بالكشف الحقيقي بهذا المعنى ، وقلنا هناك ان هذا لا يحتاج إلى دليل خاص ، كما انا ذكرنا هناك انه لا تنافي بين اعتبار الشارع ملكية مال لشخص في زمان وبين اعتباره ملكيته لآخر في ذلك الزمان بعينه إذا كان زمان الاعتبار متعدداً فالعبرة في أمثال ذلك انما هي بتعدد زماني الاعتبار وان كان زمان المعتبرين واحداً ، لعدم التنافي بينهما ذاتاً ، وذلك لما حققناه في موطنه من ان الأحكام الشرعية بأجمعها : التكليفية والوضعيّة أمور اعتبارية فلا تنافي ولا تضاد بينها في أنفسها أصلا ، وانما التنافي والتضاد بينها من ناحية أخرى على تفصيل ذكرناه في محله.