(الثالث) ان يقال : ان التكليف به متوجه إلى عموم المكلفين على نحو العموم الاستغراقي فيكون واجباً على كل واحد منهم على نحو السريان غاية الأمر ان وجوبه على كل مشروط بترك الآخر.
(الرابع) ان يكون التكليف متوجهاً إلى أحد المكلفين لا بعينه المعبر عنه بصرف الوجود ، وهذا الوجه هو الصحيح.
بيان ذلك ملخصاً هو أن عرض المولى كما يتعلق تارة بصرف وجود الطبيعة ، وأخرى بمطلق وجودها كذلك يتعلق تارة بصدوره عن جميع المكلفين وأخرى بصدوره عن صرف وجودهم. فعلى الأول الواجب عيني فلا يسقط عن بعض بفعل بعض آخر. وعلى الثاني فالواجب كفائي بمعنى انه واجب على أحد المكلفين لا بعينه المنطبق على كل واحد منهم ويسقط بفعل بعض عن الباقي ، وهذا واقع في العرف والشرع. اما في العرف. كما إذا امر المولى أحد عبيده أو خدامه بفعل في الخارج من دون ان يتعلق عرضه بصدوره من شخص خاص منهم ، ولذا أي واحد منهم قام به وأوجده في الخارج حصل الغرض وسقط الأمر لا محالة. وأما في الشرع فائضاً كذلك كما في أمره بدفن الميت أو كفنه أو نحو ذلك حيث ان غرضه لم يتعلق بصدوره عن خصوص واحد منهم ، بل المطلوب وجوده في الخارج من أي واحد منهم كان ، وذلك لأن نسبة ذلك الغرض الوحداني إلى كل واحد من افراد المكلفين على السوية فعندئذ تخصيص واحد معين منهم بتحصيل ذلك الغرض خارجاً بلا مخصص ومرجح وتخصيص المجموع منهم على نحو العموم المجموعي بتحصيل ذلك الغرض مع انه بلا مقتض وموجب باطل بالضرورة كما برهن في محله ، وتخصيص الجميع بذلك على نحو العموم الاستغراقي أيضا بلا مقتض وسبب بعد افتراض ان الغرض واحد يحصل بفعل بعض منهم ، فاذن يتعين وجوبه على واحد منهم على نحو صرف الوجود.