انه لا واقع للمعلوم بالإجمال في موارد العلم الإجمالي ما عدا عنوان أحدهما أو أحدها حتى في علم الله تعالى ، فإذا تعلقت به الصفات الحقيقية فما ظنك بالحكم الشرعي الّذي هو امر اعتباري محض. وقد تقدم منا غير مرة ان الأحكام الشرعية أمور اعتبارية وليس لها واقع موضوعي ما عدا اعتبار الشارع ، ومن المعلوم ان الأمر الاعتباري كما يصح تعلقه بالجامع الذاتي كذلك يصح تعلقه بالجامع الانتزاعي فلا مانع من اعتبار الشارع أحد الفعلين أو الأفعال على ذمة المكلف ونتيجة ذلك هي ان بقائه مشروط بعدم تحقق شيء منهما أو منها في الخارج.
وبعد ذلك نقول : ان مقتضى إطلاق الأمر المتعلق بشيء هو التعيين لا التخيير على جميع الأقوال في المسألة : أما على القول الأول فواضح لفرض ان وجوب كل منهما مشروط باختيار المكلف ، ومن الطبيعي ان مقتضى الإطلاق عدمه ، فالاشتراط يحتاج إلى دليل زائد. واما على القول الثاني فالامر أيضاً كذلك ، لفرض ان وجوب كل مشروط بعدم الإتيان بالاخر ، ومقتضى الإطلاق عدمه وبه يثبت الوجوب التعييني. وأما على القول الثالث كما هو المختار فلان مرجع الشك في التعيين والتخيير فيه إلى الشك في متعلق لتكليف من حيث السعة والضيق يعني أن متعلقه هو الجامع أو خصوص ما تعلق به الأمر ، كما إذا ورد الأمر مثلا بإطعام ستين مسكيناً وشككنا في ان وجوبه تعييني أو تخييري يعنى ان الواجب هو خصوص الإطعام أو الجامع بينه وبين صيام شهرين متتابعين ففي مثل ذلك لا مانع من الأخذ بإطلاقه لإثبات كون الواجب تعيينياً لا تخييرياً ، لأن بيانه يحتاج إلى مئونة زائدة وهي ذكر العدل بالعطف بكلمة (أو) وحيث لم يكن فيكشف عن عدمه في الواقع ، ضرورة ان الإطلاق في مقام الإثبات بكشف عن الإطلاق في مقام الثبوت.