بطبيعة الحال بوجوب واجب آخر نفسي ، وان كان نفسياً فهو مطلق وغير مقيد به ، وعليه فإذا شك في انه نفسي أو غيري فمقتضى إطلاق دليله وعدم تقييده بما إذا وجب شيء آخر هو الحكم بكونه نفسياً ، والفرق بين الإطلاقين هو ان الأول تمسك بإطلاق المادة ، والثاني تمسك بإطلاق الهيئة فإذا تم كلا الإطلاقين أو أحدهما كفى لإثبات كون الواجب نفسياً.
وأما المورد الثاني فسيأتي الكلام فيه في بحث مقدمة الواجب إن شاء الله تعالى بشكل موسع فلا حاجة إلى البحث عنه في المقام.
وأما المسألة الثانية وهي ما إذا دار الأمر بين كون الواجب تعيينياً أو تخييرياً فائضاً يقع الكلام فيها في مقامين : (الأول) في مقتضى الأصل اللفظي (الثاني) في مقتضى الأصل العملي.
اما المقام الأول فبيانه يحتاج إلى توضيح حول حقيقة الواجب التخييري فنقول : ان الأقوال فيه ثلاثة : (الأول) ان الواجب ما اختاره المكلف في مقام الامتثال ، ففي موارد التخيير بين القصر والتمام مثلا لو اختار المكلف القصر فهو الواجب عليه ولو عكس فبالعكس.
(الثاني) ان يكون كل من الطرفين أو الأطراف واجباً تعيينياً ومتعلقاً للإرادة ، ولكن يسقط وجوب كل منهما بفعل الآخر ، فيكون مرد هذا القول إلى اشتراط وجوب كل من الطرفين أو الأطراف بعدم الإتيان بالآخر (الثالث) ما اخترناه من ان الواجب هو أحد الفعلين أو الأفعال لا بعينه ، وتطبيقه على كل منهما في الخارج بيد المكلف كما هو الحال في موارد الواجبات التعيينية ، غاية الأمر ان متعلق الوجوب في الواجبات التعيينية الطبيعة المتأصلة والجامع الحقيقي ، وفي الواجبات التخييرية الطبيعة المنتزعة والجامع العنواني ، وقد ذكرنا في محله انه لا مانع من تعلق الأمر به أصلا بل تتعلق به الصفات الحقيقية كالعلم والإرادة وما شاكلهما ، وذكرنا