والتقييد انما يتصوران بالإضافة إلى الانقسامات والقيود الأولية ، ولا يتصوران بالإضافة إلى الانقسامات والقيود الثانوية حيث ان التقييد بها مستحيل فإذا استحال التقييد استحال الإطلاق أيضاً ، ومن تلك القيود الثانوية قصد الأمر ، وحيث ان تقييد الواجب به مستحيل فإطلاقه كذلك.
ولكن الصحيح هو التفصيل بين مقامي الإثبات والثبوت.
أما في مقام الإثبات فلا ينبغي الشك في ان التقابل بينهما من تقابل العدم والملكة ، وذلك لأن الإطلاق في هذا المقام عبارة عن عدم التقييد بالإضافة إلى ما هو قابل له ، كما إذا فرض ان المتكلم في مقام البيان وهو متمكن من الإتيان بالقيد ومع ذلك لم يأت به فعندئذ تحقق إطلاق لكلامه ومن الطبيعي ان مرد هذا الإطلاق ليس الا إلى عدم بيان المتكلم القيد ، فالإطلاق في هذا المقام ليس امراً وجودياً ، بل هو امر عدمي. وهذا بخلاف التقييد ، فانه امر وجودي وعبارة عن خصوصية زائدة في الموضوع أو المتعلق. وعلى الجملة فالمتكلم إذا كان في مقام البيان فان نصب قرينة على اعتبار خصوصية زائدة فيه فلا إطلاق لكلامه من هذه الناحية ، وان لم ينصب قرينة على اعتبارها فله إطلاق ولا مانع من التمسك به ومنه يستكشف الإطلاق في مقام الثبوت ، ومن الواضح ان الإطلاق بهذا المعنى امر عدمي ، كما ان التقييد المقابل له امر وجودي. فالنتيجة ان استحالة التقييد في هذا المقام تستلزم استحالة الإطلاق وبالعكس.
واما في مقام الثبوت فالصحيح ان المقابلة بينهما مقابلة الضدين لا العدم والملكة ، وذلك لأن الإطلاق في هذا المقام عبارة عن رفض القيود والخصوصيات ولحاظ عدم دخل شيء منها في الموضوع أو المتعلق ، والتقييد عبارة عن لحاظ دخل خصوصية من الخصوصيات في الموضوع أو المتعلق ومن الطبيعي ان كل من الإطلاق والتقييد بهذا المعنى امر وجودي