في سقوط واجب بمجرد تحققه في الخارج ولو بلا اختيار ولا إرادة فمقتضى إطلاق الأمر عدم سقوطه ، لأن اجزاء غير الواجب عن الواجب يحتاج إلى دليل. فالنتيجة انا لا نقول بان الاختيار جزء مدلول المادة أو الهيئة ، أو انها عند الإطلاق منصرفة إلى هذا ، وذلك لأن هذه الدعوى ساقطة لا واقع لها أصلا ، بل نقول انه كان من خصوصيات الطلب والبعث المستفاد من الصيغة أو شاكلها ومن شئونه ، فاذن تمتاز صيغة الأمر أو ما شابهها عن بقية الأفعال في هذه النقطة والخصوصية.
(الثاني) انه لا يكفي في صحة الواجب حسنه الفعلي واشتماله على مصلحة ملزمة بل يعتبر فيها زائداً على ذلك الحسن الفاعلي بمعنى ان يكون صدور الفعل على وجه حسن ومن هنا التزم (قده) ببطلان الصلاة في الدار المغصوبة حتى على القول بالجواز نظراً إلى ان صدور الصلاة في تلك الدار ليس وجه حسن يستحق ان يمدح عليه ، وان كانت الصلاة في نفسها حسنة. وحيث ان الفعل الصادر من المكلف بلا اختيار وإرادة لا يتصف بالحسن الفاعلي فلا يعقل أن يكون من افراد الواجب ، وعليه فسقوط الواجب به يحتاج إلى دليل ، والا فمقتضى الأصل عدم سقوطه. فالنتيجة على ضوء هذين الوجهين هي ان مقتضى إطلاق الأمر عدم سقوط الواجب بما إذا صدر بغير إرادة واختيار ، فالسقوط يحتاج إلى دليل. هذا إذا كان هنا إطلاق والا فالأصل العملي أيضا يقتضي ذلك.
ولنأخذ بالمناقشة في هذين الوجهين : اما الوجه الأول فهو مورد للمؤاخذة من جهتين : (الأولى) ان اعتبار القدرة في متعلق التكليف انما هو بحكم العقل لا بمقتضى الخطاب كما فصلنا الحديث من هذه الناحية في بحث الضد فلا نعيد. (الثانية) ان اعتبار القدرة فيه سواء أكان بحكم العقل أو بمقتضى الخطاب ليس الا من ناحية ان التكليف بغير المقدور لغو ، ومن الطبيعي