وتركب الإرادة الضعيفة انما هما بالنظر الدقي العقلي ، وليستا من المتفاهم العرفي. ومن الطبيعي ان الإطلاق انما يعين ما هو المتفاهم عرفاً دون غيره وحيث ان بساطة تلك المرتبة وعدم وجود حد لها ، وتركب هذه المرتبة ووجود حد لها امران خارجان عن الفهم العرفي فلا يمكن حمل الإطلاق على بيان المرتبة الأولى دون الثانية. ونظير ذلك ما إذا أطلق المتكلم كلمة الوجود ولم يبين ما يدل على إرادة سائر الموجودات أفهل يمكن حمل إطلاق كلامه على إرادة واجب الوجود نظراً إلى عدم تحديده بحد ، وتحديد غيره من الموجودات به كلا؟!!. والسر فيه ما عرفت من ان المعنى المذكور خارج عن المتفاهم العرفي
والتحقيق في المقام ان يقال : ان تفسير صيغة الأمر مرة بالطلب ومرة أخرى بالبعث والتحريك ومرة ثالثة بالإرادة لا يرجع بالتحليل العلمي إلى معنى محصل ، ضرورة ان هذه مجرد ألفاظ لا تتعدى عن مرحلة التعبير واللفظ ، وليس لها واقع موضوعي أصلا. والسبب في ذلك ما حققناه في بحث الإنشاء من انه عبارة عن اعتبار الأمر النفسانيّ ، وإبرازه في الخارج بمبرز من قول أو فعل أو ما شاكله هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى انا قد ذكرنا في بحث الوضع ان حقيقته عبارة عن تعهد الواضع والتزامه النفسانيّ بأنه متى ما أراد معنى خاصاً يبرزه بلفظ مخصوص.
فالنتيجة على ضوء هاتين الناحيتين هي ضرورة وضع صيغة الأمر أو ما شاكلها للدلالة على إبراز الأمر الاعتباري النفسانيّ في الخارج ، لا للطلب والتصدي ، ولا للبعث والتحريك ، ولا للإرادة. نعم ان صيغة الأمر مصداق للبعث والتحريك ، لا انهما معناها ، كما انها مصداق للطلب والتصدي وأما الإرادة فلا يعقل أن تكون معناها ، وذلك لاستحالة تعلق الإرادة بمعنى الاختيار وإعمال القدرة بفعل الغير ، وكذا الإرادة بمعنى الشوق النفسانيّ المحرك للإنسان نحو المراد فيما لا تعود مصلحته إليه. هذا من ناحية. ومن