المريض فتأمل. وعلى هذا الضوء فلا يكون إطلاق الصيغة بمعونة مقدمات الحكمة قرينة على إرادة الوجوب.
وأما الدعوى الثانية فحيث ان مصالح متعلقات الأوامر العرفية تعود إلى المولى دون العبيد فبطبيعة الحال تكون سبباً لحدوث الإرادة في نفسه وبما أن تلك المصالح تختلف شدة وضعفاً فلا محالة تكون منشأ لاختلاف إرادته كذلك. فالنتيجة ان ما أفاده هذا القائل لو تم فانما يتم في الأوامر العرفية دون الأوامر الشرعية.
(الثاني) لو تنزلنا عن ذلك وسلمنا ان مرد اختلاف الوجوب والندب إلى اختلاف الإرادة شدة وضعفاً الا ان دعوى كون الإرادة الشديدة لا تزيد على الإرادة بشيء فهي إرادة صرفة ، دون الإرادة الضعيفة ، فانها لمكان ضعفها زائدة على الإرادة وهي صفة ضعفها ، فانها حد عدمي خاطئة جداً ، وذلك لأن الإرادة بشتى ألوانها واشكالها محدودة بحد من دون فرق في ذلك بين الإرادة الشديدة والضعيفة ، كيف فانهما مرتبتان متضادتان من الإرادة ، وعليه فبطبيعة الحال يكون لكل منهما حد خاص وان شئت فقل : ان الإرادة التي هي واقع الوجوب روحه من الأمور الممكنة ، ومن البديهي ان كل ممكن محدود بحد خاص ، غاية الأمر يزيد الوجوب على الندب بشدة الإرادة.
وعلى هذا الضوء فكما لا يمكن التمسك بإطلاق الصيغة لإثبات الندب فكذلك لا يمكن التمسك بإطلاقها لإثبات الوجوب ، بل لا بد من التوقف ، لفرض احتياج كل منهما إلى بيان زائد.
(الثالث) لو تنزلنا عن ذلك أيضاً وسلمنا ان الإرادة الشديدة غير محدودة بحد بخلاف الإرادة الضعيفة الا انه مع ذلك لا يمكن التمسك بإطلاق الصيغة والحمل على الوجوب. والسبب في ذلك ان بساطة الإرادة الشديدة