وجوباً وندباً لا يتم في الأوامر الشرعية ، وانما يتم في الأوامر العرفية فلنا دعويان : (الأولى) عدم تمامية ما أفاده (قده) في الأوامر الشرعية. (الثانية) تماميته في الأوامر العرفية.
أما الدعوى الأولى : فلان الإرادة التكوينية التي هي عبارة عن الشوق النفسانيّ المحرك للإنسان نحو المراد انما يعقل تعلقها بفعل الغير إذا كانت فيه مصلحة عائدة إلى ذات المريد أو إلى إحدى قواه ، ولا يعقل تعلقها بما لا تعود مصلحته إليه ، بداهة ان الشوق النفسانيّ إلى شيء بنفسه لا يعقل الا عن فائدة عائدة إلى الفاعل ، وذلك غير متحقق في الأحكام الشرعية فان مصالح متعلقاتها تعود إلى المكلفين دون الشارع. نظير أوامر الطبيب حيث ان مصالح متعلقاتها تعود إلى المرضى دونه. ومن الطبيعي أن اختلاف أوامره إلزاماً وندباً لا ينشأ عن اختلاف إرادته شدة وضعفاً ، لما عرفت من عدم تعلقها بما يعود نفعه إلى غيره دونه ، الا ان يكون ملائماً لإحدى قواه ، فعندئذ يكون منشأ لحدوث الشوق في نفسه ، ولكنه خلاف الفرض وأضف إلى ذلك ان الإرادة بمعنى الشوق النفسانيّ لا تعقل في ذاته سبحانه وتعالى والإرادة بمعنى المشيئة لا تعقل ان تتعلق بفعل الغير وان افترض ان نفعه يعود إليه.
وبكلمة أخرى ان ملاك شدة الإرادة وضعفها تزايد المصلحة في الفعل وعدم تزايدها ، وحيث ان تلك المصلحة بشتى مراتبها من القوية والضعيفة تعود إلى العباد دون المولى لاستغنائه عنها تمام الاستغناء فلا يعقل ان تكون منشأ لحدوث الإرادة في نفس المولى فضلا عن ان يكون اختلافها منشأ لاختلافها شدة وضعفاً. على ان اختلاف تلك المصلحة العائدة إلى العباد لا يعقل أن يكون سبباً لاختلاف إرادة المولى كذلك ، نظير إرادة الطبيب حيث انها لا تعقل ان تختلف شدة وضعفاً باختلاف المصلحة التي تعود إلى