طابعاً مثالياً للإرادة الشديدة الأكيدة ومرأة لها ، فهي روح الوجوب وواقعه الموضوعي. وعلى الثاني يطلب ذلك طلباً ضعيفاً على سبيل الندب وعدم الحتم ، ويعبر عنه بالاستحباب ، فيكون الاستحباب ، مثالا موضوعياً لتلك المرتبة من الإرادة ، وهي روحه وواقعه الموضوعي. وهذا الاختلاف في الإرادة امر وجداني ، حيث اننا نرى بالوجدان ان إرادة العطشان مثلا بإتيان الماء البارد أشد وآكد من إرادته بإتيان الفاكهة مثلا بعد الغذاء هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان شدة الإرادة ليست بأمر زائد على الإرادة ، بل هي عين تلك المرتبة في الخارج ونفسها فما به الاشتراك فيها عين ما به الامتياز نظير السواد والبياض الشديدين ، حيث ان ما به الاشتراك فيهما عين ما به الامتياز. ومن ناحية ثالثة ان صفة الضعف في الإرادة حد عدمي ، وعليه فبطبيعة الحال تكون تلك الصفة امراً زائداً عليها ، وتحتاج في بيانها إلى مئونة زائدة في مقام الإثبات.
فالنتيجة على ضوء هذه النواحي هي ان المولى إذا امر بشيء وكان في مقام البيان ولم ينصب قرينة على إرادة الجامع بين الإرادة الشديدة والضعيفة فقضية الإطلاق وعدم نصب قرينة على إرادة المرتبة الضعيفة هي حمل الأمر على بيان المرتبة الشديدة ، حيث قد عرفت ان بيانها لا يحتاج إلى مئونة زائدة دون بيان المرتبة الضعيفة ، وبذلك نثبت إرادة الوجوب الّذي هو طابع مثالي لتلك المرتبة من الإرادة.
وقد تحصل من ذلك امران : (الأول) ان الوجوب ليس بمدلول وضعي للصيغة ، وانما هو مستفاد من الإطلاق ومقدمات الحكمة (الثاني) ان مدلولها الوضعي انما هو الطلب الجامع فلا تدل بالدلالة الموضوعية الا عليه.
ولنأخذ بالمناقشة عليه من وجوه :
(الأول) ان ما أفاده (قده) من اختلاف الإرادة باختلاف الأوامر