وبنفسها. ومن الطبيعي ان كثرة الاستعمال في الخاصّ في إحدى هذه الصيغ لا تمنع عن حمل الصيغة الأخرى على العموم ، مثلا كثرة استعمال لفظة الكل في الخاصّ لا تمنع عن ظهور الجمع المحلى باللام في العموم ، وهكذا وبكلمة أخرى أن كثرة استعمال العام في الخاصّ تمتاز عن كثرة استعمال صيغة الأمر في الندب بنقطة : وهي ان القضية الأولى تنحل بانحلال صيغ العموم وأدواته ، فيكون لكل صيغة منها وضع مستقل غير مربوط بوضع صيغة أخرى منها. ولذلك لا بد من ملاحظة الكثرة في كل واحدة منها بنفسها مع قطع النّظر عن الأخرى ، وهي تمنع عن الحمل على الحقيقة فيها دون غيرها. وهذا بخلاف صيغة الأمر حيث ان لها وضعاً واحداً فبطبيعة الحال كثرة استعمالها في الندب تمنع عن حملها على الوجوب بناء على الفرضية المتقدمة. هذا مضافاً إلى ان ذلك ينافي ما التزمه (قده) في مبحث العموم والخصوص من ان التخصيص لا يوجب التجوز في العام واستعماله في الخاصّ ، بل هو دائما استعمل في معناه العام سواء أورد عليه التخصيص أم لا على تفصيل يأتي في محله إن شاء الله تعالى.
وذهب إلى القول الثاني بعض الأعاظم (قده) وأفاد : ان الصيغة وان لم تدل على الوجوب بالوضع ، ولكنها تدل عليه بالإطلاق ومقدمات الحكمة. بيان ذلك ان الإرادة المتعلقة بفعل الغير تختلف شدة وضعفاً حسب اختلاف المصالح والأغراض الداعية إلى ذلك ، فمرة تكون الإرادة شديدة وأكيدة بحيث لا يريد المولى تخلف إرادته عن المراد ، ولا يريد تخلف العبد عن الإطاعة والامتثال. وأخرى تكون ضعيفة على نحو لا يمنع المولى العبد من التخلف ، ولا يكون العبد ملزماً بالفعل ، بل له ان يشاء الفعل ، وله ان يشاء الترك. فعلى الأول يطلب المولى الفعل على سبيل الحتم والإلزام ، ويعبر عنه بالوجوب ، فيكون الوجوب في واقعه الموضوعي