وأنت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله وهو متّكئ على يدك ، فسلّم عليّ رسول الله وضحك إليّ ، ثم التفت إليك وقال لك : يا زبير ، إنك تقاتل عليّا وأنت له ظالم؟! قال الزبير : اللهم نعم! قال علي عليهالسلام : فعلام تقاتلني؟ قال الزبير : نسيتها والله ، ولو ذكرتها ما خرجت إليك ولا قاتلتك! ثم انصرفا.
فانصرف علي عليهالسلام إلى أصحابه فقالوا له : يا أمير المؤمنين ، برزت إلى رجل في سلاحه وأنت حاسر! قال علي عليهالسلام : أتدرون من الرجل؟ ذلك الزبير ابن عمّة رسول الله صلىاللهعليهوآله ، أما إني قد ذكرت له حديثا قاله له رسول الله فقال : لو ذكرته ما أتيتك!
فقال أصحابه : يا أمير المؤمنين ، الحمد لله ، ما كنا نخشى في هذه الحرب غيره ولا نتّقي سواه! إنه لفارس رسول الله وحواريّه ومن عرفت شجاعته وبأسه ومعرفته بالحرب ، فإذا قد كفاناه الله فلا نعدّ من سواه إلّا صرعى حول الجمل والهودج!
وانصرف الزبير فدخل على عائشة ـ قبل أن تحمل على الجمل ـ فقال لها :
يا أماه! ما شهدت موطنا قطّ في الشرك ولا في الإسلام إلّا ولي فيه رأي وبصيرة ، سوى هذا الموطن ، فإنه لا رأي لي فيه ولا بصيرة ، بل إنّي فيه لعلى باطل!
فقالت له عائشة : يا أبا عبد الله ، خفت سيوف بني عبد المطلب؟
فقال : أما ـ والله ـ إنّ سيوف بني عبد المطّلب طوال حداد تحملها فتية أنجاد!
ثم التفت إلى ابنه عبد الله وقال له : عليك بحزبك ، أما أنا فراجع إلى بيتي!
فقال له ابنه عبد الله : الآن إذ التقت الفئتان والتقت حلقتا البطان؟! فما ردّك؟ قال : ردّني ما إن علمته كسرك! ولا تعدّ هذا مني جبنا ، فو الله ما فرقت (خفت) من أحد في جاهلية ولا إسلام (١)! وقد علم الناس أني لست بجبان ، ولكن ذكّرني عليّ شيئا سمعته من رسول الله ، فحلفت أن لا اقاتله!
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ : ٧٢ ـ ٧٣ ، وانظر اليعقوبي ٢ : ١٨٢ ، والمسعودي ٢ : ٣٦٣.