والزبير وخروجهما بعائشة ما قد بلغكم ، وهو من ضعف النساء وضعف رأيهن ، كما قال الله تعالى : (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ)(١).
وايم الله لو لم ينصره أحد لرجوت أن يكون له في من أقبل معه من المهاجرين والأنصار ، ومن يبعث الله له من نجباء الناس كفاية ، فانصروا الله ينصركم ، وجلس.
فقام عمّار بن ياسر ـ دون الحسن بمرقاة ـ وقال :
يا أهل الكوفة ، إن كانت غابت عنكم أبداننا فقد انتهت إليكم امورنا : إنّ قاتلي عثمان لا يعتذرون إلى الناس وقد جعلوا كتاب الله بينهم وبين محاجّيهم ، أحيا الله من أحيا وقتل من قتل.
وإن طلحة والزبير أوّل من طعن وآخر من أمر (٢) ثم بايعا أول من بايع ، فلما أخطأهما ما أمّلا نكثا بيعتهما على غير حدث كان.
وهذا ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله يستنفركم ، وقد أظلّكم في المهاجرين (هو) والأنصار (قيس) فانصروه ينصركم الله ، ثم سكت وجلس.
ثم قام قيس بن سعد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أيها الناس ؛ إن هذا الأمر لو استقبلنا به الشورى لكان عليّ أحق الناس به ، في سابقته وهجرته وعلمه ، وكان قتال من أبى ذلك حلالا ، فكيف والحجة قامت على طلحة والزبير فقد بايعاه ، وإنما خلعاه حسدا! ثم قال شعرا :
جزى الله أهل الكوفة اليوم نصره |
|
أجابوا ولم يأتوا بخذلان من خذل |
وقالوا : عليّ خير حاف وناعل |
|
رضينا به من ناقض العهد من بدل |
هما أبرزا زوج النبيّ تعمّدا |
|
يسوق بها الحادي المنيخ على جمل |
__________________
(١) النساء : ٣٤.
(٢) فكان مصرّا عليه إلى آخر الأمر.