على ما سمعتم من أمر الله ، وكتب عبيد الله بن كعب ، لخمس ليال من شهر ربيع الأول سنة ست وثلاثين (١).
وكتبت إلى ضرّتها وصديقتها حفصة بنت عمر بالمدينة : «أما بعد ، فإنّا نزلنا البصرة ، ونزل عليّ بذي قار ، وقد دقّ الله عنقه كدقّ البيضة على الصفا ؛ إنه بذي قار بمنزلة الأشقر إن تقدم نحر وإن تأخر عقر» (٢) ودسّته مع القشيري ابن قدامة (٣).
فلما وصل الكتاب إلى حفصة استبشرت به ، ودعت صبيان بني تميم وعديّ وأمرت جواريها أن يضربن بالدفوف ويقلن :
ما الخبر ما الخبر؟ |
|
عليّ كالأشقر |
إن تقدّم نحر |
|
وإن تأخّر عقر |
فلما بلغ أمّ سلمة مسرّة اولئك النسوة من تيم وعدي بالكتاب الواصل إليهن من أم المؤمنين عائشة ، بكت وطلبت ثيابها وقالت : لأخرج إليهن وأقع بهنّ!
وكانت أمّ كلثوم بنت أمير المؤمنين عليهالسلام (٤) حاضرة فقالت لها : أنا أنوب عنك فأنا أعرف منك. ثم لبست ثيابها وتخفّرت وتنكّرت ، واستصحبت جواريها متخفّرات ، ومضت حتى دخلت عليهن كأنها من النظّارة ، ثم كشفت عنها نقابها وأبرزت وجهها وتوجّهت إلى حفصة وقالت لها : إن تظاهرت أنت واختك (عائشة) على أمير المؤمنين ، فقد تظاهرتما على أخيه رسول الله من قبل ، فأنزل الله فيكما ما أنزل (٥) والله من وراء حربكما!
__________________
(١) الجمل للمفيد : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ عن الواقدي.
(٢) مثل قاله لقيط بن زرارة وكان على فرس أشقر. انظر الأمثال لابن سلّام : ٢٦٢.
(٣) الطبري ٤ : ٤٧٢.
(٤) كذا ، وقد مرّ الخبر أنها ماتت من قبل ، فالراجح أنها زينب الكبرى ولكنّ أمّ كلثوم اشتهرت أكثر.
(٥) من الآيتين ٣ و٤ من التحريم.