نأى عن المدينة قبل أن يدين الناس لعلي عليهالسلام بالبيعة ، وإنما رأى أن طلحة قد عمل مفاتيح لأبواب بيت المال وأخذ نعاجا لعثمان فأخبرها بذلك وقال : فلا شك أن الناس قد بايعوه! فقالت : إيها ذا الإصبع! (تعني إصبعه الشلّاء من يوم احد) قد وجدوك لها كافئا وبها محشّا!
ثم قالت : قد قضيت عمرتي فشدوا رحلي لأتوجّه إلى منزلي.
فشدّ رحلها وسارت حتى بلغت منزل سرف (أول منزل بعد مكة إلى المدينة) لقيت عبيد بن أم كلاب من بني ليث أو بني بكر قادما من المدينة فسألته ما الخبر؟ فقال : قتل عثمان! فقالت : قتل نعثل! فقال كما قالت. فقالت له : كيف كان أمره؟ قال : أحاط الناس به وبداره ورأيت قد غلب على الأمر طلحة بن عبيد الله (حتّى) اتّخذ مفاتيح لخزائن بيوت المال ، وتهيّأ ليبايع (ولكن) لما قتل عثمان خرج الناس في طلب علي بن أبي طالب يقدمهم الأشتر و(أخوك) محمد بن أبي بكر وعمّار بن ياسر ، ولم يعدلوا به طلحة ولا غيره (بل) وفي الجماعة طلحة والزبير! حتى أتوا عليا في بيته وقالوا له : بايعنا على الطاعة ، فتلكّأ عليهم ساعة! فقال الأشتر يا علي ، إن الناس لا يعدلون بك غيرك فبايع قبل أن يختلف الناس (فبايعهم وبايعوه) وكان طلحة والزبير قاعدين فقال لهما الأشتر : قم يا طلحة ، قم يا زبير فبايعا فما تنتظران؟ فقاما حتى رأيت أيديهما على يده يصفقانها ببيعته ، ثم صعد عليّ المنبر فبايعه الناس يومئذ على المنبر ، وبايعوه من الغد ، وفي اليوم الثالث (من بيعته) خرجت ولا أعلم ما جرى بعدي!
فقالت له : يا أخا بني بكر أنت رأيت طلحة بايع عليا؟ قال : إني والله رأيته بايعه وما قلت إلّا ما رأيت. فقالت : إنا لله! اكره والله الرجل ، وغصب عليّ بن أبي طالب أمرهم ، وقتل خليفة الله مظلوما! ثم نادتهم : ردّوا بغالي ردّوا بغالي ، فارتدّت إلى مكة.