بأكثر من ثلاثة أيام فلعل الأولى أن ذلك كان بعد البيعة بيومين. وتمام الخبر : قال : فقال لي : أخلني ، ففعلت ، فقال لي : إني اشير عليك أن تكتب إلى عمّال عثمان بإثباتهم على أعمالهم ، فإذا بايعوا لك واطمأنّ أمرك عزلت من أحببت وأقررت من أحببت.
فقلت له : والله لا أداهن في ديني ولا اعطى الرياء في أمري.
فقال (المغيرة) : فإن أبيت فانزع من شئت واترك معاوية ، فإن له جرأة وهو في أهل الشام يسمع منه ، ولك حجة في إثباته ، فقد كان عمر ولّاه الشام كلّها!
فقلت له : لا والله لا استعمل معاوية يومين أبدا (١)! فخرج من عندي على ما أشار به.
ثم عاد (اليوم الخامس من البيعة) فقال : إني أشرت عليك بما أشرت به وأبيت عليّ ، فنظرت في الأمر فإذا أنت مصيب ، لا ينبغي أن تأخذ أمرك بخدعة ولا يكون فيه تدليس.
قال ابن عباس : فقلت : وأنا اشير عليك بأن تثبت معاوية فإن بايع لك فعليّ أن أقلعه من منزله. فقال علي عليهالسلام : لا والله لا أعطيه إلّا السيف!
فقلت : يا أمير المؤمنين ، أما سمعت رسول الله يقول : الحرب خدعة! أما والله لئن أطعتني لأصدرنّ بهم بعد ورد ، ولأتركنّهم ينظرون في دبر الامور لا يعرفون ما كان وجهها ، في غير نقصان عليك ولا إثم!
__________________
(١) ونقل الحلبي قوله في مناقب آل أبي طالب ٣ : ٢٢٦ كذا : إن معاوية من قد علمت ، وقد ولّاه الشام من كان قبلك ، فولّه أنت كيما تتسق عرى الإسلام ثم اعزله إن بدا لك. فقال عليهالسلام : يا مغيرة أتضمن لي عمري فيما بين توليته إلى خلعه؟ قال : لا ، قال : فلا يسألني الله عن توليته على رجلين من المسلمين ليلة سوداء أبدا! (وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً).