وقد تشاورتم في بيعتي ثلاثة أيام بلياليهن؟ فهل تخرجون من بيعتي؟ قالوا : لا والله ، ولكنّا نكره قتال أهل الصلاة (١) وعليه فالتخلّف عن القتال لا البيعة ، وما في صدر الخبر إنما هو مسامحة في التعبير ، وصرّح بذلك في اسامة فقال : قعد عن نصرة أمير المؤمنين على أعدائه (٢).
وعن الشعبي فصّل البلاذري عذر اسامة ولكنه للقتال لا عن البيعة ، قال : قال اسامة لعلي عليهالسلام : أنت أحبّ الناس إليّ وآثرهم عندي ، ولو كنت بين لحيي أسد لأحببت أن أكون معك ؛ ولكنّي عاهدت الله أن لا اقاتل رجلا يقول لا إله إلّا الله.
وكذا ما رواه عن ابن مسلمة قال : إن رسول الله أمرني إذا اختلف الناس أن أخرج بسيفي فأضرب به عرض احد حتى ينقطع ، فإذا انقطع أتيت بيتي فكنت فيه لا أبرح حتى تأتيني يده خاطفة أو ميتة قاضية! فخلّى سبيله ، فهل فعل ابن مسلمة ما ادّعاه على رسول الله؟!
وكذا ما رواه عن وهب بن صيفي الأنصاري قال : إن ابن عمّك (!) قال لي : قاتل المشركين بسيفك ، فإذا رأيت فتنة فاكسره واجلس في بيتك! فتركه ، وكأن كلّا منهم قد تعلّم ممّن سبقه عذرا متشابها ، وكلّ كأنه عن القتال لا عن البيعة.
قال : وجيء بسعد بن أبي وقاص فقيل له : بايع ، فقال : يا أبا الحسن! إذا لم يبق غيري بايعتك! فقال عليهالسلام : خلّوا سبيل أبي إسحاق.
قال : وأتي بعبد الله بن عمر ملببا ورفع عليه السيف وقيل له : بايع (٣) قال : لا ابايع حتى يجتمع الناس عليك! قال : فأعطني حميلا (كفيلا) : أن لا تبرح.
__________________
(١) المعيار والموازنة : ١٠٥ و ١٠٦.
(٢) المعيار والموازنة : ٣٤٠.
(٣) كما فعل أبوه بعليّ عليهالسلام لأبي بكر.