هذا لأقتلنّ به رجلا عظيما من بني أميّة! فقال له عثمان : لست هناك (١)! وشتمه عثمان وأمر الغلمان فدفعوه (٢)!
واتّخذ عمار لفتقه ثوبا تحت ثيابه ، فكان أول من لبس ذلك ، ولزم داره (٣).
وعن أبي كعب الحارثي اليمني قال : دخلت المدينة على عثمان بن عفان وهو يومئذ الخليفة وإذا هو جالس وحوله نفر سكوت لا يتكلّمون ، فسلمت وجلست ، فبينا نحن كذلك إذ جاء نفر فقالوا له : إنه أبى أن يجيء! فغضب عثمان وقال : اذهبوا فجيئوا به فإن أبى فجرّوه جرّا! فذهبوا.
وبعد قليل جاءوا ومعهم رجل طويل أصلع آدم في مقدم رأسه وقفاه شعرات ، وإذا هو عمار بن ياسر ، فقال له عثمان : تأتيك رسلنا فتأبى أن تجيء؟ فكلّمه بكلام ثم خرج ، وأخذ القوم ينفضّون عنه ، وقام فتبعته حتى دخل المسجد ، فإذا عمار جالس إلى سارية من سواري المسجد وحوله نفر من الصحابة يبكون ، فقال عثمان لمولاه : يا وثّاب (٤) ، عليّ بالشرط ، فجاءوا فقال لهم : فرّقوا هؤلاء ، ففرّقوهم.
ثم اقيمت الصلاة فتقدم عثمان للصلاة فلما كبّر صاحت عائشة : يا أيها الناس ... تركتم أمر الله وخالفتم عهده ، ونحو هذا ثم سكتت ، ثم تكلمت امرأة اخرى بمثل ذلك ، فإذا هي حفصة.
فسلّم عثمان وأقبل على الناس وقال : إن هاتين لفتّانتان يحلّ لي سبّهما!
__________________
(١) الإمامة والسياسة : ٣٣.
(٢) الشافي ٤ وتلخيصه ٤ : ١١٠.
(٣) الدرجات الرفيعة : ٢٦٣.
(٤) وكان من عتقاء عمر ، كما في الطبري ٤ : ٣٧١.