وأمّا ما بلغك من اجتماعهم للمسير إلى المسلمين ؛ فإنّ الله لمسيرهم أكره منك لذلك وهو أولى بتغيير ما يكره ، وإنّ الأعاجم إذا نظروا إليك قالوا : هذا رجل العرب فإن قطعتموه فقد قطعتم العرب ، فكان أشدّ لكلبهم ، وكنت قد ألّبتهم على نفسك ، وأمدّهم من لم يكن يمدّهم.
ولكنّي أرى : أن تقرّ هؤلاء في أمصارهم ، وتكتب إلى أهل البصرة فليفترقوا على ثلاث فرق : فلتقم فرقة منهم على ذراريهم حرسا لهم ، ولتقم فرقة في أهل عهدهم لئلّا ينقضوا ، ولتسر فرقة منهم إلى إخوانهم مددا لهم. حتى أتى على تمام كلامه ثم جلس.
فقال عمر : أجل ، هذا هو الرأي ، وقد كنت أحبّ أن أتابع عليه (١)!
فروى ابن الخيّاط عن السائب بن الأقرع قال : فكتب عمر كتابا إلى النعمان بن مقرّن أن يسر بثلثي أهل الكوفة ، وليبعث إلى أهل البصرة (كذلك) فإن قتل النعمان فحذيفة بن اليمان ، فإن قتل حذيفة فجرير بن عبد الله البجلي ، وإن أصابوا غنيمة فأنت عليها ، ولا تحبس عن أحد حظّا ، ولا ترفع إليّ باطلا.
والتقوا بنهاوند يوم الأربعاء والخميس والجمعة (٢) واقتتلوا قتالا شديدا وقتل النعمان بن مقرن ، ولكن الله فتح لهم نهاوند وهزم الفرس (٣).
__________________
(١) رواه الطبري ٤ : ١٢٤ عن سيف التميمي عن أبي بكر الهذلي. ورواه المفيد في الإرشاد ١ : ٢٠٧ ـ ٢١٠ عن شبّابة بن سوار عن الهذلي ، وقد وصف ابن حنبل شبّابه بأنه كان من المرجئة ، ووصفه ابن شاذان بأنه كان أعدى الناس لعلي عليهالسلام ، ووصفه ابن قتيبة بأنه كان شديدا على الشيعة يذكرهم كثيرا بالشرّ! كما في قاموس الرجال ٥ : ٣٨٧. والخبر في نهج البلاغة خ ١٤٦ ، ومصادره في المعجم المفهرس : ١٣٨٨.
(٢) تاريخ خليفة : ٨٣.
(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٥٦.