إن لحقك كتابي قبل أن تدخل شيئا من أرضها آمرك بالانصراف فانصرف ، وإن جاءك كتابي وقد دخلتها فامض واستعن بالله.
فسار عمرو حتى كان في رفح آخر عمل فلسطين نحو مصر ، إذ أتاه رسول عمر بكتابه ، فلم يقرأ الكتاب حتى صار إلى قرب العريش من مصر فقرأ الكتاب ثم قال : إن أمير المؤمنين أمرني إن أتاني كتابه وقد دخلت شيئا من أرض مصر أن أمضي لوجهي واستعين الله ، فمن أين هذه القرية؟ قالوا : من مصر. فمضى لوجهه حتى أتى الفرما ، فحاصرهم وقاتلهم ثلاثة أشهر حتى فتحت ، ثم مضى حتى صار إلى أم دنين فحاصرها وأبطأ عليه أمرها ، فكتب إلى عمر يستمده ، فوجّه إليه بأربعة آلاف مع الزبير بن العوام! والمقداد بن الأسود! وعبادة بن الصامت وخارجة بن حذافة السهمي. فلما أبطأ أمرها قال الزبير : إني أهب نفسي لله وأرجو أن يفتح الله على المسلمين. فلما كان الليل وضع السلّم على الحصن واقتحم ومعه جماعة ، فلما اشتدّ عليهم القتال دعوا إلى الصلح وصالح المقوقس عمرو بن العاص على دينارين دينارين لكل رجل.
وكان جموع الروم في الاسكندرية ولها ثلاثة حصون ، وصار إليها ابن العاص وحاصرهم وطالت المدة ثلاثة أشهر ، فسأل المقوقس عمرا أن يصالحه على أن يكون على من أقام خراج دينارين ، ومن أراد أن يمضي إلى بلاد الروم يطلق ، فأجابه عمرو إلى ذلك (١).
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ١٤٧ ـ ١٤٨. وكان ذلك في شوال عام (٢١ ه) وسپتامبر (٦٤٢ م) كما في أطلس تاريخ الإسلام ، الترجمة الفارسية. وجاء في هامش مختصر تاريخ الدول لابن العبري : ١٠٣ عن تاريخ سعيد بن البطريق (نسخة خطّية) : أن حصار ابن العاص طال سنة وشهرين ، وأنه فتحها عنوة بدون صلح ، وأن الرومان هربوا برّا وبحرا ،