ثم كتب المثنى إلى أبي بكر يعلمه ضرواته بفارس ووهنهم عنه ، ويسأله أن يمدّه بجيش عليهم. وكان خالد بن الوليد قد فرغ من حروب الردّة فكتب إليه أبو بكر أن يسير إلى المثنّى (١) وأن يبدأ بفرج الهند : الأبلّة : البصرة (٢) فسار في المحرم سنة اثنتي عشرة (٣) وكان بنو شيبان على طريقه فحمل عليهم فقالوا : انا مسلمون فتركهم وتبعه منهم قطبة بن قتادة بجمعه (٤).
ونزل خالد بالنّباج والمثنّى في خفّان (٥) وكان مع خالد كتاب من أبي بكر إلى المثنّى يأمره فيه بطاعة خالد ، فكتب إليه خالد وبعث بكتاب أبي بكر إليه فأتاه. وأخذ خالد يسير في الثغور إلى الّيس (٦) فخرج إليه صاحب الّيس : جابان بجيشه ، فبعث خالد إليه المثنّى فالتقى به إلى جانب نهر فقاتلهم حتى هزمهم ثم صالح أهل الّيس.
__________________
ابن حارثة قدم على أبي بكر وقال له : أمّرني على قومي أكفيك ناحيتي واقاتل من يليني من أهل فارس ، ففعل أبو بكر ذلك ، فرجع وجمع قومه وأخذ يغير في أسفل الفرات إلى ناحية كسكر ، وكان معسكرا في خفّان. الطبري ٣ : ٣٤٤. خفّان نحو البصرة ، مركز بني شيبان ، وكسكر قرب قلعة سكر. انظر أطلس تاريخ الإسلام الخارطة : ٦٢.
(١) الأخبار الطوال : ١١١.
(٢) كانت مفترق الطرق برّا ، وبحرا إلى الهند وغيرها ، ولذلك أسماها الفرس : بسراه أي كثيرة الطرق ، كما في معجم البلدان ٢ : ١٩٣. والأبلّة : آب پل : أي جسر الماء.
(٣) الطبري ٣ : ٣٤٣ هذا وقد مرّ أن قتل مسيلمة كان في ربيع الأول سنة ١٢ فهذه سنة ١٣.
(٤) تاريخ خليفة : ٦١ وانظر أطلس تاريخ الإسلام : ١٤٢ من الترجمة الفارسية.
(٥) النّباج وخفّان من منازل بني شيبان في حدود العراق نحو البصرة ، انظر النباج في الخارطة : ٩ ، وخفّان في الخارطة : ٦٢ من أطلس تاريخ الإسلام.
(٦) الّيس من ثغور العراق قرب السماوة ، انظر الخارطة : ٦٢ في أطلس تاريخ الإسلام.