ومشرح واختهم العمرّدة. وأجاب هؤلاء الرؤساء الأربعة وجمع من بني عمرو الأسود العنسي في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله فلعنهم ، وبقي جمع كثير من بني عمرو على الإسلام ، وهم في موضع الرياض.
فقدم عليهم زياد بن لبيد لزكواتهم ، وكان إذا أخذ ناقة للصدقة وسمها بالنار ، فأخذ ناقة لأحد أخوين ووسمها ثم تبيّن أنها لأخيه وطلبها ، فزعم زياد أن ذلك اعتلال واتّهمه بالكفر والردة! فاستغاث الرجل برجل من قومه : حارثة بن سراقة فجاء وأطلق عقالها وأقامها وقام هو ورجلان معه دونها ، وكان مع زياد شباب من حضرموت والسكون وأشار إليهم زياد فضربوا الرجال الثلاثة بأيديهم ووطئوهم بأرجلهم وكتّفوهم وحبسوهم واستعادوا الناقة (١)!
هذا ما لدى الطبريّ عن سيف ، ولدى الواقدي وابن الأعثم أنّ حارثة تحدّث فقال : «نحن إنما أطعنا رسول الله إذ كان حيّا ، ولو قام رجل من أهل بيته لأطعناه! وأما ابن أبي قحافة فما له طاعة في رقابنا ولا بيعة!» ولعله كان يعني عليا عليهالسلام لأنهم إنما عرفوا الإسلام واعتنقوه بفضله. ونظم ذلك شعرا فقال :
أطعنا رسول الله إذ كان بيننا |
|
فيا عجبا من ذا يطيع أبا بكر |
وإنّ أناسا يأخذون زكاتكم |
|
أقل ورب البيت عندي من الذّر |
أنعطي قريشا مالنا؟ إنّ هذه |
|
كتلك التي يخزى بها المرء في القبر |
وما لبني تيم بن مرّة إمرة |
|
علينا ولا تلك القبائل في الأسر |
لأن رسول الله أوجب طاعة |
|
وأولى بما استولى عليهم من الأمر (٢) |
__________________
(١) الطبري ٣ : ٣٣٠ ـ ٣٣٢.
(٢) كتاب الردة للواقدي : ١٧١ ، والفتوح لابن الأعثم ١ : ٤٧.