فقالا : فإنّا جئنا معتذرين مبتغين مرضاتك فاغفري واصفحي عنا ولا تؤاخذينا بما كان منا!
فالتفتت إلى علي عليهالسلام وقالت له : إني لا أكلمهما من رأسي كلمة حتى أسألهما عن شيء سمعاه من رسول الله ، فإن صدقاني رأيت رأيي!
فقالا : اللهم إنّ ذلك لها ، وإنا لا نقول إلّا حقا ولا نشهد إلّا صدقا!
فقالت : انشدكما بالله ، هل سمعتما النبيّ يقول :
«فاطمة بضعة مني وأنا منها ، من آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ، ومن آذاها بعد موتي كان كمن آذاها في حياتي ، ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتي»؟ قالا : اللهم نعم. فقالت : الحمد لله. ثم قالت : اللهم إنّي أشهدك ـ فاشهدوا يا من حضرني ـ أنهما قد آذياني في حياتي وعند موتي! والله لا أكلمكما من رأسي كلمة حتى ألقى ربي فأشكوكما بما صنعتما بي وارتكبتما مني!
فدعا أبو بكر بالويل والثبور وقال : ليت أمّي لم تلدني.
ولكن عمر قال له : عجبا للناس كيف ولّوك أمورهم وأنت شيخ قد خرفت! تجزع لغضب امرأة وتفرح برضاها! وما لمن أغضب امرأة؟!
وقاما وخرجا (١).
ورواه ابن قتيبة (المتوفى ٢٧٦ ه) وقال : قالت : فإني أشهد الله وملائكته : أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه!
فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة ، ثم انتحب أبو بكر باكيا ، وخرج باكيا وهي تقول له : والله لأدعونّ الله عليك في كل صلاة أصليها (٢).
__________________
(١) علل الشرائع ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢٣ ، الباب ١٤٩.
(٢) الإمامة والسياسة ١ : ١٤.