فالمال محبوب تبعيّ لإصلاح النّفس والبدن ، لا ذاتيّ بحيث لو علموا أنّه لا يترتّب على تحصيله شيء من مقاصدهم مع ذلك يطلبونه ، بخلاف البدن والنفس فإنّه مطلوب بنفسه لذاته ، ولا يصرف في شيء إلاّ في موارد خاصّة يكون صرفه أبقى لحفظه وبقائه النوعيّ كالجهاد ، فإنّه عند التحقيق غير ضرريّ لحفظ بيضة الإسلام وإعلاء كلمة الحق ، فليس هو بضرريّ حتّى لو علم التلف فيه.
وبالجملة ، المال موضوع للخرج والصرف ، إلاّ فيما ندر عكس النفس والبدن ، فإنّهما ليسا موضوعين لذلك إلاّ فيما ندر ، فلو أمر في مورد من الموارد بما يوجب النقص في البدن ، أو أقدم المقدِمُ على مثل ذلك فهو من باب الأمر بتحمّل الضرر لأجل منفعة أهمّ منه ، لا أنّه ليس بضرر موضوعاً ، كما توهّم.
والحاصل : فقد ظهر وجه رفع اليد عن عمومات أدلّة التكاليف الشاملة بعمومها للموارد التي يحصل النقص في البدن ، وأنّ سدّ باب عنوان الحرج في النفوس أكثر منه في الأموال.
لا يخفى أيضاً : أنّ الضرر البدنيّ كالماليّ ربّما يكون يسيراً لا يعتنى به عند العقلاء ، وربّما يعدونه ضرراً ، لكن يتحمّلونه لتحصيل المقاصد والأغراض المتوقّف عليه غالباً ، إلى غير ذلك ممّا يتصوّر في المالي ، فإنّه يتصوّر في البدني.
هذا تمام الكلام في موضوع الضرر وأفراده وأحواله.