إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

تراثنا ـ العدد [ ١٢٩ ]

تراثنا ـ العدد [ ١٢٩ ]

250/302
*

وأمّا المقام الثالث : ففي حكمه

فيتوقّف على بيان معنى القاعدة ، وبيان المراد من النفي فيها.

فنقول : لا ريب أنّ هذه القضيّة المصدّرة بأداة النفي الغير المقيّدة ظاهرُها الأوّليّ النفي المطلق على وجه ينافيه الإيجاب الجزئي ، كما هو الشّأن في كلّ ما كان كذلك ؛ لأنّ السلب الكلّي ينافيه الإيجاب الجزئي ، خلاف النفي المقيّد الذي لا ينافيه الإيجاب المقيّد ، كما هو المعلوم في محلّه(١).

فلا يمكن الأخذ بهذا الظهور في خصوص المقام ؛ للزومه ما هو المحال على الشارع بعد وجود الضرر في الخارج.

فلا يمكن حمل النفي على حقيقته ، أعني : النفي عن الخارج مطلقاً ؛ لوجود الحقيقة في الخارج ، فلابدّ من صرف هذا الظهور إلى ما هو المعقول في المقام ، وهو أحد وجوه :

الأوّل : حمل النفي فيها على النهي ، ويكون المراد : النهي عن فعل الضرر ؛ لأنّ النهي إنّما يتعلق بالأفعال(٢).

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(١) راجع : الإشارات والتنبيهات : (قسم المنطق) : ١/٣٠٤ ، وشروح الشمسيّة : ٢ / ١٦٩.

(٢) ذكر هذا الوجه جملة من اللغويين ، لاحظ لسان العرب : ٤ / ٤٨٢ ، تاج العروس : ٧ / ١٢٢ ، ولعلّ أوّل من تبعهم من الأصوليين البدخشي في منهاج العقول في شرح منهاج الوصول : ٣ / ١٢٦ ـ ١٢٧ ، فقد قال : «والضرر والمضارّة ممنوع عنه شرعاً ، وتحقيق ذلك أنّ النفي هنا بمعنى النهي بقرينة أنّ أصل الضرر واقع ، فالمعنى لا يضرّوا» ، ولذا اشتهر في كتب الفقهاء والأصوليين نسبة هذا القول إليه ، وممّن اختار هذا الوجه السيّد المراغي في العناوين : ١ / ٣١١ ، وشيخ الشريعة في رسالة في القاعدة ص : ٤٠.