قرينةً في الكلام وله الأثر في دلالة الألفاظ ، فبما أنّ القرآن الكريم جاء كلامه موافقاً ومطابقاً لأصول المحاورة العقلائية نراه قد لاحظ خصوصيّات الخطاب والمخاطب ، ولابدّ من لحاظ هذه الخصوصيّات في تفسير الآية وفهمها ، ومن جملة الآيات التي أشارت إلى ما نحن فيه هي الآيات التي خوطب بها الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) بلهجة العتاب ، فإنّ عدم لحاظ هذا الأمر في الآيات يؤدّي إلى الترديد في عصمة رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فنظراً لعصمته (صلى الله عليه وآله) وعلوِّ منزلته عند الله تبارك وتعالى يتَّضِح أنّ هذا الخطاب لم يقصد به شخص الرسول (صلى الله عليه وآله) ، وإنّ الخطاب بالعتاب والتهديد إنّما قصد به الآخرون ، ومن أجل أن يكون أوقع في نفوسهم وأكثر تأثيراً عليهم فقد خوطب به النبيُّ (صلى الله عليه وآله) ، وذاك من باب «إيّاكَ أعني واسمعي يا جارة» الذي ذكره الإمام الرضا عليهالسلام في الدفاع عن عصمة النبيّ (صلى الله عليه وآله) في الرواية التالية :
«فقال المأمون لله درُّك يا أبا الحسن فأخبرني عن قول الله عزّ وجلّ (عَفَا الله عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ)(١) قال الرضا عليهالسلام : هذا ممّا نزل بـ : (إيّاك أعني واسمعي يا جارة) خاطب الله عزّ وجلّ بذلك نبيّه وأراد به أمّته ، وكذلك قوله تعالى : (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنّ عَمَلُكَ وَلَتَكُوْنَنَّ مِنَ الْخَاسِرِيْنَ)(٢) وقوله عزّ وجلّ (وَلَوْلاَ أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيْلا)(٣) قال :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) التوبة : ٤٣.
(٢) الزمر : ٦٥.
(٣) الإسراء : ٧٤.