الأرْضِ كُلُّهُمْ جَميعاً) على سبيل الإلجاء والإضطرار في الدنيا كما يؤمنون عند المعاينة ورؤية البأس في الآخرة ، ولو فعلت ذلك بهم لم يستحقّوا منّي ثواباً ولا مدحاً لكنّي أريد منهم أن يؤمنوا مختارين غير مضطرّين ليستحقّوا منّي الزلفى والكرامة ودوام الخلود في جنّة الخلد (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وأمّا قوله تعالى : (وَمَا كَانَ لِنَفْس أَنْ تُؤْمَِن إلاّ بِإذْنِ اللهِ) فليس ذلك على سبيل تحريم الإيمان عليها ، ولكن على معنى أنّها ما كانت لتؤمن إلاّ بإذن الله ، وإذنه : أمره لها بالإيمان ما كانت مكلّفة متعبّدة ، وإلجاؤه إيّاها إلى الإيمان عند زوال التكليف والتعبّد عنها. فقال المأمون : فرّجت عنّي يا أبا الحسن فرّج الله عنك»(١).
على هذا الأساس فإنّ الإمام الرضا عليهالسلام مع بيانه سبب نزول الآية قد ردّ التوهُّم الحاصل من ظاهر الآية في شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من إكراهه الناس على قبول الإسلام.
يتبيّن من خلال التدقيق في بعض روايات الإمام الرضا عليهالسلام أنّه لا يلاحظ أسباب النزول فحسب بل كان يلاحظ انسجام أسباب النزول مع سياق الآيات كذلك ، وتطبيق أسباب النزول على الآيات ، ففي رواية الإمام الرضا عليهالسلام في شأن نزول آيات (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى *وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى *
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) عيون أخبار الرضا ٢/١٣٥ ، مسند الإمام الرضا ١/٣٤٤ ، الاحتجاج ٢/٤١٣.