الضمير تارةً يكون مذكوراً في الكلام ويمكن تعيينه بسهولة ، وتارةً أخرى لايذكر في الكلام ولكن يمكن تعينه من خلال القرائن والسياق ، فإنّ التعيين الصحيح لعائد الضمير هو من العوامل والقرائن المؤدّية إلى الفهم الصحيح لآيات القرآن الكريم.
إنّ الإضمار هو من جملة الأمور التي يحتاج اتّضاح مقصدها إلى قرائن معيّنة ، ولحاظ هذا النوع من القرائن لفهم مقصد الآيات أمرٌ ضروريٌّ ، حيث إنّ الضمير يجعل مفهوم الآية غامضاً في بعض الأحيان ، فعندها لابدّ من اللجوء إلى السياق للاستعانة به في إرجاع الضمير لفهم المراد من الآية. وذلك كما مرّ علينا آنفاً في (آية ١٣ سورة النجم) حيث إنّ الإمام الرضا عليهالسلام أخذ بنظر الاعتبار سياق الآيات واهتمّ بها في تعيين عائد الضميرين الموجودين فيها من فعل (رآه).
وكما أنّ التعيين الصحيح لعائد الضمير يؤدّي إلى الفهم الصحيح لآيات القرآن فإنّ الخطأ في تعيينه يؤدّي إلى الفهم الخاطىء لآيات القرآن ، وذلك مثل ما فهمه المأمون العبّاسي من آية (حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا)(١) فظنّ أنّ قوله تعالى «اسْتَيْأس الرسل» كان قيده (من الرُّسُل) وأنّ الضمير المستتر في (ظنّوا) والضمير هم في (أنّهم) يعودان إلى (الرُّسُل) ، فعلى أساس هذه القراءة الخاطئة للآية المباركة فقد تردّد المأمون في عصمة الأنبياء وفى يقينهم ، هناك قال الإمام الرضا عليهالسلام في تفسير
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) يوسف : ١١٠.