إنّ سياق الآيات هو عبارة عن نوعية وكيفية الترابط والتناسب بين الآيات مع بعضها البعض ، وإنّ الاهتمام بالسياق معناه إمعان النظر من قبل المفسّر في الآيات التي جاءت قبل وبعد الآية المعنية بالتفسير(١).
إنّ أصل قرينة وجود السياق وتأثيره في تعيين معنى المفردات ومقاصد العبارات هو واحد من أصول المحاورة العقلائية التي يترتّب عليها الأثر من مراد المتكلّم في جميع اللُّغات ، وإنّ المفسّرين في تفسيرهم لآيات القرآن الكريم قد اهتمّوا بالسياق واستعانوا به في تعيين معنى المفردات وفهم مقاصد الآيات ، وذلك لأنّ آيات القرآن بالإضافة إلى كونها مترابطة في النزول فهي ذات ارتباط موضوعيٍّ ومفهوميٍّ وقد صدرت لأمر واحد.
وإنّ الإمام الرضا عليهالسلام كان يهتمّ بتأثير السياق وبمكانته في تفسير الآيات القرآنية ، وكان يعتبر سياق الكلام وصياغته واحداً من قواعد معرفة اللغة في تفسير القرآن الكريم ، ويعدّه من القرائن المهمّة في التفسير ، ونظراً لصياغة الكلمات ، والعبارات والآيات فقد تطرّق عليهالسلام لشرح وبيان آيات القرآن الكريم في مواطن عديدة آخذاً بنظر الاعتبار صياغة العبارات وترابط الكلمات والآيات كما في سورة النجم الآية ١٣ (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى) فقد اشتملت هذه الآية الكريمة على ضميرين هما الفاعل والمفعول في كلمة (رآه) ، وقد عيَّن الإمام الرضا عليهالسلام عائد الضميرين نظراً لسياق الآيات التي جاءت قبل هذه الآية وهي قوله تعالى : (لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى) فقد عدّ الإمام
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) آفاق التفسير : ٤٦.