إنّما تجب (١) على التّخيير دون الجمع ، لأنّه لا وجه لوجوبها جميعا ، ألا ترى أنّ من غلب في ظنّه أنّ مصلحة ولده تكون (٢) في أفعال متغايرة يقوم كلّ واحد منها مقام صاحبه ، إنّما يجب عليه هذه الأفعال على سبيل التّخيير ، ولا يجوز أن يجب عليه الجمع بينها (٣) ، لأنّه لا وجه لوجوبه على هذا الوجه (٤). فأمّا قياسهم ذلك على ما يتناوله (٥) النّهى ، فسيجيء الكلام فيه في باب النّهى ، ونذكر الصّحيح منه بمشيّة الله تعالى.
واعلم أنّ ما كلّفه الله تعالى ينقسم إلى وجوه ثلاثة :
أوّلها أن يكلّف الله تعالى الفعل بأن يريده ، ويكره كلّ تروكه ، فعبّرنا عمّا هذه حاله بأنّه واجب مضيّق.
والقسم الثّاني أن يريد تعالى الأفعال ، ولا يكره ترك (٦) كلّ واحد منها إلى الآخر ، ويكره تروكها أجمع ، فعبّرنا عنها بأنّها واجبة (٧) ، على سبيل التّخيير ، كالكفّارات.
والقسم الثّالث أن يريد تعالى الفعل ، ولا يكره شيئا من تروكه ، فعبّرنا عن ذلك بأنّه ندب.
وينقسم ما خيّر الله تعالى فيه إلى ثلاثة أقسام :
__________________
(١) ب وج : يجب.
(٢) ج : يكون.
(٣) ب : بينهما.
(٤) ب وج : الحد.
(٥) الف : تناوله.
(٦) الف : ـ ترك ، ج : تر.
(٧) ب : واجب.