كانا في العقل سواء في أنّهما غير مرادين ولا مكروهين ، لأنّه إذا أمرنا بالصلاة مثلا ، فقد أمرنا بفعل (١) كان في العقل ـ لو لا هذا الأمر ـ محظورا ، وكان تركه واجبا ، لأنّه إدخال مشقّة وكلفة على النّفس بغير فائدة ، فإذا (٢) قال لنا صلّوا ، فقد دلّ (٣) ذلك على أنّ للصّلاة صفة (٤) زائدة على حسنها ، يستحقّ بها المدح والثّواب ، ولا بدّ من أن يكون صفة ترك الصّلاة الّذي كان في العقل واجبا ، قد تغيّرت عند ورود هذا الأمر ، وتغيّرها ينقسم إلى أن يكون مكروها ، فيكون الفعل واجبا ، وإلى أن لا (٥) يكون (٦) مرادا ولا مكروها ، فيكون الفعل ندبا ، وإلى أن يكون مرادا ، فيكون مخيرا بين الفعل والترك ، فثبت بهذه الجملة أنّه لا يجوز مع ورود الأمر بهذه العبادات أن تبقى (٧) في تروكها على الأصل العقلي (٨) ، بل لا بدّ من تغيّره (٩) على ما بيّنّاه (١٠).
على أنّا لو سلّمنا (١١) أنّ حكم التّرك في أصل العقل (١٢) ما ذكروه ، لكان إنّما يجب البيان في وقت الحاجة ، لا في وقت الخطاب ، على ما سنبيّنه في موضعه من هذا الكتاب بمشيّة الله تعالى وعونه ، فلو قال
__________________
(١) ج : بالفعل.
(٢) ب : وإذا.
(٣) ب : + وجوب.
(٤) ج : صيغة.
(٥) الف : ـ لا.
(٦) الف : + لا.
(٧) الف وب : نبقى.
(٨) ب وج : أصل العقل.
(٩) ج : تغييره.
(١٠) ج : بينا.
(١١) ج : سلما.
(١٢) الف : + على.