واجب ، فيحتاج إلى دلالة إمّا على أنّ تركه قبيح ، فيعلم أنّه واجب. أو أنّه ليس بقبيح ، فيعلم أنّه ندب.
والّذي يدلّ على صحّة ما ذهبنا إليه ، أنّا قد بيّنّا أنّ الأمر إنّما يكون أمرا ، لأنّ الآمر أراد المأمور به ، وإرادة (١) الحكيم له (٢) تقتضي (٣) ما ذكرناه (٤) من الصّفة الزّائدة على حسنه ، وهذه الصّفة الزّائدة على الحسن قد تثبت (٥) في النّدب والواجب ، فلا بدّ من دلالة زائدة تدلّ على حكم الترك ، فيبنى على ذلك الوجوب أو النّدب.
وليس لأحد أن يقول : أراد الفعل على جهة الإيجاب ، لأنّ ذلك لا يعقل ، إن لم يكن المقصود به أنّه أراده (٦) وكره تركه ، فإذا كان مطلق الأمر لا تعلّق بينه وبين هذه الكراهية (٧) ، لم يجز أن يدلّ عليها.
ويدلّ أيضا على ما اخترناه من المذهب (٨) أنّه لا شبهة في استعمال صيغة الأمر في الإيجاب والنّدب معا في اللّغة ، والتّعارف ، والقرآن والسّنّة ، وظاهر الاستعمال يقتضى الحقيقة ، وإنّما يعدل عنها بدليل ، وما استعمال اللّفظة الواحدة في الشّيئين (٩) أو الأشياء (١٠) إلاّ كاستعمالها
__________________
(١) ب : أراد.
(٢) الف وب : ـ له.
(٣) ب وج : يقتضى.
(٤) الف : ذكرنا.
(٥) ج : يثبت.
(٦) ج : إرادة.
(٧) ج : الكراهة.
(٨) ب : المذاهب.
(٩) ب وج : شيئين.
(١٠) ب : في أشياء ، ج : أشياء.