« افعل » أمرا ، إذا كان فوقه في الرّتبة ، وسؤالا ، إذا كان دونه ، فجعلوا الرّتبة فاصلة بين الأمرين ، ولا خلاف في أنّ السّؤال يقوم مقام قول السّائل للمسئول : أريد منك أن تفعل كذا وكذا. فلم يفصلوا بين السّؤال والأمر إلاّ بالرّتبة ، وإلاّ فلا فصل بينهما في الفائدة والمعنى.
فصل في هل الأمر يقتضى الوجوب أو الإيجاب
اختلف النّاس في ذلك ، فذهب جميع (١) الفقهاء وطائفة من المتكلّمين إلى أنّ الأمر يقتضى إيجاب الفعل على المأمور به ، وربّما قالوا وجوبه. وقال آخرون : مطلق الأمر إذا كان من حكيم ، اقتضى كون المأمور به مندوبا إليه ، وإنّما يعلم الوجوب بدلالة زائدة ، وهذا هو (٢) مذهب أبي عليّ وأبي هاشم ومن وافقهما. وذهب آخرون إلى وجوب الوقف في مطلق الأمر بين الإيجاب والنّدب ، والرّجوع في كلّ واحد من الأمرين إلى دلالة غير الظّاهر ، وهو الصّحيح.
وتحقيقه أنّ الأمر إذا صدر من حكيم نأمن (٣) أن يريد القبيح (٤) أو (٥) المباح ، فلا بدّ من القطع (٦) على أنّ للمأمور به مدخلا في استحقاق المدح والثّواب ، إلاّ أنّ هذا القدر غير (٧) كاف في أنّه ندب ، ولا كاف في أنّه
__________________
(١) ج : جمع.
(٢) ب وج : ـ هو.
(٣) ب : من ، بجاى نأمن.
(٤) ب : الفسخ.
(٥) ب : و.
(٦) الف : للقطع ، بجاى من القطع.
(٧) ج : ـ غير.