ومنها : أنّ الأمر يمنع من (١) الخرس والسكوت ، لأنّهم يستهجنون في الأخرس والساكت أن يقولوا وقع منه أمر ، كما يستهجنون أن يقولوا وقع منه خبر ، أو (٢) ضرب من ضروب الكلام.
ومنها : أنّ لفظة الأمر لو كانت مشتركة بين القول والفعل ، لم تخل (٣) من أن يفيد فيهما فائدة واحدة ، أو فائدتين مختلفتين ، وفي تعذّر (٤) الإشارة إلى فائدة تعمّهما (٥) ، أو فائدتين يخصّ كلّ واحدة (٦) منهما ، دلالة على فساد كون هذه اللّفظة حقيقة في الأمرين.
فيقال لهم فيما تعلّقوا به أوّلا من دلالة الاشتقاق : ما أنكرتم أن يكون الاشتقاق (٧) الّذي أوجبه أهل اللّغة لفاعل الأمر إنّما هو (٨) الّذي هو قول دون ما ليس بقول من الأفعال ، ومعلوم ضرورة أنّهم إنّما اشتقّوا آمرا من الأمر الّذي هو القول ، فأيّ (٩) دلالة في ذلك على أنّ الفعل لا يسمّى أمرا ، ومن الّذي يحفظ عن أهل اللّغة القول بأنّ كلّ ما يوصف بأنّه أمر على الحقيقة يوصف فاعله بأنّه آمر ، وإذا لم يكن هذا محفوظا عنهم ، ولا منقولا ، فلا دلالة فيما ذكروه. وهذه الطريقة
__________________
(١) ب وج : ـ من.
(٢) ب : و.
(٣) الف : يخل.
(٤) ج : تفد.
(٥) ب : يعمهما.
(٦) ج : واحد.
(٧) ب : ـ ما أنكرتم أن يكون الاشتقاق.
(٨) ب وج : ـ انما هو.
(٩) ب وج : وأي.