وممّا يمكن أن يستشهد به على ذلك من القرآن قوله تعالى : حتّى إذا جاء أمرنا وفار التّنّور ، وإنّما يريد الله تعالى بذلك الأهوال والعجائب ، التي فعلها ـ جلّ اسمه ـ ، وخرق (١) بها (٢) العادة ، وقوله (٣) تعالى : أ تعجبين من أمر الله ، وأراد الفعل لا محالة (٤).
وإذا صحّت هذه الجملة ، وكان ظاهر استعمال أهل اللّغة اللّفظة في شيئين أو أشياء ، يدلّ على أنّها حقيقة فيهما ، ومشتركة بينهما ، إلاّ أن يقوم دليل (٥) قاهر يدلّ (٦) على أنّه مجاز في أحدهما ـ وقد بسطنا هذه الطريقة في مواضع كثيرة من كلامنا ، وسيجيء مشروحة مستوفاة في مواضعها من كتابنا هذا ـ وجب القطع على اشتراك هذه اللّفظة بين الأمرين ، ووجب على من ادّعى أنّها مجاز في أحدهما ، الدليل.
فإن قالوا : قد استعمل لفظ الخبر فيما ليس بخبر على الحقيقة ، كما قال الشاعر : تخبرني (٧) العينان ما القلب كاتم. قلنا : قد بيّنّا أنّ ظاهر الاستعمال يدلّ على الحقيقة ، إلاّ أن يقوم دلالة (٨) ، ولو خلّينا وظاهر استعمال لفظة الخبر في غير القول ، لحكمنا (٩) فيه بالحقيقة ، لكنّا علمنا ،
__________________
(١) ب : جرت.
(٢) ج : به.
(٣) ب : قول.
(٤) الف : محال.
(٥) ب : تقوم دلالة.
(٦) الف : ـ يدل.
(٧) الف : تجبرني ، ج : ـ نى.
(٨) ب : ـ شماره ٥ تا ٨.
(٩) الف : حكمنا.