كلّها تقتضي (١) التّكرار ، فإنّ فيها ما يقتضى المرّة الواحدة كالحجّ والعمرة عند من أوجبها ، والّذي يتكرّر من ذلك فتكرّره (٢) مختلف غير متّفق ، ألا ترى أنّ الصّيام والزكاة يتكرّران في كلّ عام مرّة ، والصلاة تتكرّر (٣) في كلّ يوم خمس مرّات ، فالتّكرار مختلف كما تراه ، ولو كان مجرّد الأمر يقتضى التّكرار ، لما اختلف هذا الاختلاف.
وبعد ، فالتّكرار إنّما علم بدليل ، وخلافنا إنّما هو في موضوع اللّغة ومقتضى الأمر المطلق ، والصّحيح أنّ كلّ أمر في القرآن حملناه على المرّة الواحدة فإنّما (٤) حملناه (٥) عليها بدليل غير الظّاهر ، وكلّ أمر حملناه على التّكرار فإنّما (٦) حملناه عليه (٧) بدليل سوى الظّاهر.
ويقال لهم فيما تعلّقوا به ثانيا : إنّ النّهى عندنا كالأمر في أنّه لا يقتضى التّكرار بإطلاقه وبمجرّده (٨) ، وإنّما نحمله عليه متى حملناه (٩) بدليل غير الظّاهر ، ونحن نسوّي بين الأمر والنّهى في هذه القضيّة.
وقد فصّل قوم (١٠) بين الأمر والنّهى بأنّ النّهى يقتضى قبح الفعل ، وقبحه مستمرّ ، فتكرّر لذلك. وهذا ليس بشيء ، لأنّ نهى الحكيم (١١)
__________________
(١) ب وج : يقتضى.
(٢) ج : فيكرره.
(٣) ج : يتكرر.
(٤) ج : وانما.
(٥) الف : حملناه.
(٦) ج : فانا.
(٧) الف : على التكرار.
(٨) ج : مجرده.
(٩) ب : ـ متى حملناه.
(١٠) ج : القوم.
(١١) ج : الحكم.