منها(١) بإجراء امتحان طلاّب العلوم النجفيّين في بغداد(٢) فقد أجرته عدّةسنوات حسب القواعد المقرّرة ، واستمرّت على ذلك(٣) فلم يرَ الطلاّب نجاحاً وتقدّماً محسوساً ، للفوضى المتفشّية فيهم ، وعدم وجود رئيس من الأعلام الأكابر يرأسهم ، ويدافع عنهم ، ويحافظ على حقوقهم بكلّ جدّ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) من المعروف أنّ الواقع الفكري في النجف كان ذا طابع ديني ، ويعود ذلك لعاملين رئيسيّين أوّلهما : قدسية المدينة بوجود مرقد الأمام علي عليهالسلام ، وثانيهما : وجود المرجعية الدينية والحوزة العلمية فيها ، لذلك أصبحت النجف وبفعل هذين العاملين مدرسة فكرية واسعة ، انتشرت فيها مجالس البحث والدرس والأدب والشعر والفقه والأصول. إنّ نظام التعليم في النجف لم يكن خاضعاً لنفوذ الدولة ولا يموّل منها ، كما لا يوجد فيها أيّ تنظيم حسب ما كانت تراه الحكومة العثمانية ، إذ كان أيّ فرد يستطيع الانضمام لهذه المدارس مهما كان مستواه. ينظر : جمعية منتدى النشر ودورها الفكري والسياسي في العراق ١٩٣٥ ـ ١٩٦٤م ، ص٦ ـ ٨.
(٢) الهدف الأساس من قبل العثمانيّين من نقل الامتحان إلى بغداد هو لزيادة الإشراف على تلك المدارس من جهة وعلى النظام الامتحاني من جهة أخرى. ينظر : جمعية منتدى النشر ، ص٨.
(٣) استمرّ هذا النظام منذ الانقلاب العثماني في (٢٣ تمّوز ١٩٠٨هـ) إلى ما بعد الحرب العالمية الأولى وما تمخّض عنه من قيام جمعية الاتحاد والترقّي في غضون ذلك نشط الاتحاديّون في الدعاية لجمعيّتهم ، وادّعوا اهتمامهم بالمجالات كافّة ، ولا سيّما في المجال التعليمي. فحرصوا على إتّباع سياسة تعليمية موحّدة في جميع الولايات ، كما أسّسوا المدارس المختلفة وحاولوا جعلها مدارس نموذجية ، واتّخذوا خطوات لرفع مستوى كفاءة الجهاز التعليمي في العراق ، والأشراف المباشر على نظام الامتحانات ، إلاّ أنّ جميع تلك الادعاءات الإصلاحية كانت حبراً على ورق. ينظر : تطوّر التعليم الوطني في العراق ١٨٦٩ ـ ١٩٣٢م ، ص٤٧.