العلويّ ، وكان قد خصّص لأبناء الطبقة المترفة ، وظهرت الحاجة بعد الحرب العالمية الثانية إلى الكتاتيب لاستقبال أبناء الطبقة الفقيرة والمتوسّطة. يتبيّن من ذلك أنّ المركز الديني لمدينة النجف الأشرف جعلها مركزاً لطلبة العلوم الدينية والفقهية ، فتوافد عليها طلبة العلم ، ممّا شجّع على فتح العديد من المدارس الدينية فيها ، إذ ازدهرت وتنوّعت هذه المدارس بعلومها ، ويعدّ التعليم واحداً من أهمّ عوامل النهوض والارتقاء لأيّ شعب من الشعوب ، ولا يمكن لأيّ دولة أن تنهض من دون أن تعنى بالتعليم وتعمل على نشره.
هبّت نسمات التنوير في أوائل العقد الأوّل من القرن العشرين الميلادي وبدت علامات الرقيّ والتنبّه ، وتيقّظت أفكار بعض النجفيّين ، فهبّوا إلى سوق الطباعة فجلبوا إليها في ذلك الوقت مطبعة ، إذ كانت الحاجة إليها شديدة وماسّة ، لكونها وسيلة من وسائل الرقيّ ونشر المعارف ، وفي مدّة قصيرة أصبحت النجف الأشرف من بين المدن العراقية الكبيرة في مضمار الطباعة (١) ، ولذلك فإنّ النجف الأشرف تعدّ أحدى الحواضر العربية والإسلامية في المشرق التي تفاعلت فيها حركة الثقافة والفكر ، وأسهمت في نموّ الحركة الفكرية العربية ، ووضعت أسس التيّارات الفكرية ، ورسمت أطياف من الإبداعات الأدبية والفكرية.
فلا غرو أن نجد الشعراء والأدباء نظموا القصائد اعتزازاً بتراثها ، يقول
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) التيّارات الفكرية والسياسية في النجف ، ص ٢٨ ـ ٤٢.