وقد ترجم فيستنفيلد هذا المقتل إلى الألمانية (١).
إذن «فإنّ الجزم بأنّ الكتاب ليس لأبي مِخنف حكم متسرّع فيه ، دفع إليه الظنّ بمخالفته الواقع التاريخي في بعض موارده ، وما صاحَبَ الكتاب من التحريف والتصحيف وهو من هفوات النُسّاخ ، وكثرة تداوله ، وإقبال الناس على النهل من روافده ، عند ذكرى الثورة الحسينية الخالدة كلّ عام ، فدخله بعض التبسيط لأُسلوبه لتكون لغته سهلة قريبة من مدارك العامّة ، ومن يقارن النسخ المخطوطة المكتوبة منذ قرون خلت بالكتاب المطبوع ، والنسخ المطبوعة قديماً مع النسخ المطبوعة حديثاً ، يجد أنّ الكتاب مرَّ بمرحلة من مراحل عمره المديد ، ورحم الله الخليل بن أحمد حين يقول : إذا نسخ الكتاب ثلاث نسخ ولم يعارض تَحَوَّل بالفارسية» (٢).
ولكن الذي أراه إنّ لأبي مِخنف كتاباً غير هذا ، قد جاءت رواياته مسندة وأحداثه متسلسلة ، إلاّ أنّ هناك من بادر فرفع الأسانيد ، وعَدَّل في الروايات لتكون قصّة خفيفة ، خالية من الأسانيد والمداخل الأخرى ، ولابدّ ـ والحالة هذه ـ أن تكون لغتها غير لغة عصر الرجل ، ثمّ توالت عليها الأيادي بتحريف وتصحيف حتّى وصلت إلى الحدّ الذي جعله بهذا الشكل والحال. وكمحاولة جادّة ، فقد قمت بجمع الروايات المنقولة عن أبي مِخنف
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) تاريخ التراث العربي ٢/١٢٩.
(٢) وقفة عند كتاب مقتل الحسين عليهالسلام لأبي مِخنف ، مجلّة البلاغ.