مسلم؟ فلم يجبها أحد بشيء ، ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجّالة فقال : ويحكم ما تنتظرون بالرجل؟ ثكلتكم أمهاتكم! فحمل عليه من كلّ جانب ، فضربه زرعة بن شريك على كفّه اليسرى فقطعها ، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبا منها لوجهه ، وطعنه سنان بن أنس بالرمح فصرعه ، وبدر إليه خولي بن يزيد الأصبحي ـ لعنة الله عليهم ـ فنزل ليحتزّ رأسه ، فأرعد ، فقال له شمر : فتّ الله في عضدك ، ما لك ترعد؟ ونزل شمر إليه فذبحه ثمّ دفع رأسه إلى خولي بن يزيد ، فقال : احمله إلى الأمير عمر بن سعد»(١).
ذكر أيضاً من شارك بسلبه عليهالسلام. هذه الصور المروِّعة التي سوّدت وجه ذلك الجيش الذي تبوّأ مقعده من الجحيم رواها ابن مسلم بأسلوب أدبيٍّ فصيح خال من التعقيد والغموض يندر أن نقف على مثله في روايات الأقدمين.
وجزَّاه الإمام زين العابدين خيراً ، إذ كان سبباً في نجاته من القتل ، فقد ذكر الطبري أنّه انتهى بعد مصرع أبي عبد الله إلى «عليّ بن الحسين وهو منبسطٌ على فراش له ، وهو مريض ، وإذا شمر بن ذي الجوشن في رجالة معه يقولون : ألا نقتل هذا؟ قال : فقلت : سبحان الله! أنقتل الصبيان! إنّما هذا صبيٌ ، قال : فمازال ذلك دأبي أدفع عنه كلَّ من جاء حتّى جاء عمر بن سعد ، فقال : ألا لا يدخلنّ بيت هؤلاء النسوة أحد ، ولا يعرضنّ لهذا الغلام المريض ... فقال عليّ بن الحسين : جزيت من رجل خيراً! فوالله لقد دفع الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الإرشاد ٢/١١١.