ممّا رجعت ، قطعت القرابة القريبة ، وارتكبت الأمر العظيم»(١) لذا فإنّ ما رواه حميد عن مراسلات عبيد الله بن زياد مع ابن سعد يمكن أن نطمئنّ إليه أيضاً ، وممّا رواه أنّ ابن زياد دعا شمراً بن ذي الجوشن فقال له : «اخرج بهذا الكتاب إلى عمر بن سعد فليعرض على الحسين وأصحابه النزول على حكمي ، فإن فعلوا فليبعث بهم إليّ سلماً ، وإن هم أبوا النزول على حكمي فليقاتلهم ؛ فإن فعل ذلك فاسمع له وأطع ، وإن هو أبى أن يقاتلهم فأنت أمير الناس ، وثب عليه فاضرب عنقه وابعث إليّ برأسه»(٢).
روى أيضاً أن ابن زياد أرسل رسالةً أخرى إلى عمر بن سعد يأمره فيها أن يحول بين الحسين وأصحابه وبين الماء ، فبعث ابن سعد خمسمائة فارس بقيادة عمرو بن الحجّاج إلى الشريعة لمنع الحسين وأصحابه من الوصول إلى الماء(٣) ، وعند وصولهم نادى عبد الرحمن بن الحصين الأزدي بأعلى صوته : والله لا تذوقون منه قطرةً حتّى تموتوا عطشاً ، فأجابه الحسين عليهالسلام : اللهمّ اقتله عطشاً ، ولا تغفر له أبداً ؛ قال حميد : والله لعدته بعد ذلك في مرضه ، فوالله الذي لا إله إلا هو لقد رأيته يشرب الماء حتّى يبغره ويصيح العطش العطش ، ثمّ يعود يشرب الماء حتّى يبغره ثمّ يبغيه ويتلظّى عطشاً ، فما زال ذلك دأبه حتّى لفظ نفسه»(٤).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(١) الأخبار الطوال : ٢٦٠ ، وينظر أيضاً بغية الطلب في تاريخ حلب : ٢٦٣١.
(٢) تاريخ الطبري ٤/٣١٤ ، وتاريخ مدينة دمشق ٤٥/٥١.
(٣) تاريخ الطبري ٤/٣١١.
(٤) الإرشاد ٢/٨٧ ، وينظر أيضاً مناقب آل أبي طالب ٣/٢١٤ ، وروضة الواعظين ١٨٢.